شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٩٨
يميز به لا يحتاج في الاستدلال إلى أوضاع أهل الكلام والجدل واصطلاحهم وطرقهم البتة بل ربما يقع بسببها في شكوك وشبه يحصل له بها الحيرة والضلال والريبة فان التوحيد انما ينفع إذا سلم قلب صاحبه من ذلك وهذا هو القلب السليم الذي لا يفلح الا من اتى الله به ولا شك ان النوع الثاني والثالث من التوحيد الذي ادعوا انه توحيد الخاصة وخاصة الخاصة ينتهي إلى الفناء الذي يشمر اليه غالب الصوفية وهو درب خطر يفضي إلى الاتحاد انظر إلى ما أنشد شيخ الاسلام أبو إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى حيث يقول * ما وحد الواحد من واحد * إذ كل من وحده جاحد * توحيد من ينطق عن نعته * عارية أبطلها الواحد * توحيده إياه توحيده * ونعت من ينعته لاحد * وان كان قائله رحمه الله لم يرد به الاتحاد لكن ذكر لفظا مجملا محتملا جذبه به الاتحادي اليه وأقسم بالله جهد أيمانه انه معه ولو سلك الالفاظ الشرعية التي لا اجمال فيها كان أحق مع أن المعنى الذي حام حوله لو كان مطلوبا منا لنبه الشارع عليه ودعا الناس اليه وبينه فان على الرسول البلاغ المبين فأين قال الرسول هذا توحيد العامة وهذا توحيد الخاصة وهذا توحيد خاصة الخاصة أو ما يقرب من هذا المعنى أو أشار إلى هذه النقول والعقول حاضرة فهذا كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه سنة الرسول وهذا كلام خير القرون بعد الرسول وسادات العارفين من الأئمة هل جاء ذكر الفناء فيها وهذا التقسيم عن أحد منهم وانما حصل هذا من زيادة الغلو في الدين المشبه لغلو الخوارج بل لغو النصارى في دينهم وقد ذم الله تعالى الغلو في الدين ونهى عنه فقال * (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) *
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»