شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٩٤
الشورى حتى أن من أخفى أيات الرسل آيات هود حتى قال له قومه يا هود ما جئتنا ببينة ومع هذا فبينته من أوضح البينات لمن وفقه الله لتدبرها وقد أشار اليه بقوله * (إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) * هود فهذا من أعظم الآيات أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب غير جزع ولا فزع ولا خوار بل هو واثق بما قاله جازم به فأشهد الله أولا على براءته من دينهم وما هم عليه اشهاد واثق به معتمد عليه معلم لقومه أنه وليه وناصره وغير مسلط لهم عليه ثم أشهدهم اشهاد مجاهر لهم بالمخالفة أنه برئ من دينهم وآلهتهم التي يوالون عليها ويعادون عليها ويبذلون دماءهم وأموالهم في نصرتهم لها ثم أكد ذلك عليهم بالاستهانة لهم واحتقارهم وازدرائهم ولو يجتمعون كلهم على كيده وشفاء غيظهم منه ثم يعاجلونه ولا يمهلونه لم يقدروا على ذلك الا ما كتبه الله عليه ثم قرر دعوتهم أحسن تقرير وبين أن ربه تعالى وربهم الذي نواصيهم بيده هو وليه ووكيله القائم بنصره وتأييده وأنه على صراط مستقيم فلا يخذل من توكل عليه وأقر به ولا يشمت به أعدائه فأي آية وبرهان أحسن من آيات الأنبياء عليهم السلام وبراهينهم وأدلتهم وهى شهادة من الله سبحانه لهم بينها لعباده غاية البيان ومن أسمائه تعالى المؤمن وهو في أحد التفسيرين المصدق الذي يصدق الصادقين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم فإنه لا بد أن يرى العباد من الآيات الافقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغه رسله حق قال تعالى * (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) * فصلت أي القرآن فإنه هو المتقدم في قوله
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»