البيان واللغة ينطق له باللفظ المفرد ويشار له إلى معناه ان كان مشهودا بالاحساس الظاهر أو الباطن فيقال له لبن خبز أم أب سماء أرض شمس قمر ماء ويشار له مع العبارة إلى كل مسمى من هذه المسميات والا لم يفهم معنى اللفظ ومراد الناطق به وليس أحد من بني آدم يستغني عن التعليم السمعي كيف وآدم أبو البشر وأول ما علمه الله تعالى أصول الأدلة السمعية وهي الأسماء كلها وكلمه وعلمه بخطاب الوحي ما لم يعلمه بمجرد العقل فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ما عناه المتكلم وأراده وارادته وعنايته في قلبه فلا يعرف باللفظ ابتداء ولكن لا يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولا ان هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية عرف المعنى المراد بلا إشارة اليه وان كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع والشبع والري والعطش والحزن والفرح فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده من نفسه فإذا وجده أشير له اليه وعرف أن اسمه كذا والإشارة تارة تكون إلى جوع نفسه أو عطش نفسه مثل أن يراه انه قد جاع فيقول له جعت أنت جائع فيسمع اللفظ ويعلم ما عينه بالإشارة أو ما يجري مجراها من القرائن التي تعين المراد مثل نظر أمه اليه في حال جوعه وادراكه بنظرها أو نحوه أنها تعني جوعه أو يسمعهم يعبرون بذلك عن جوع غيره إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بيان معان فلا يخلو اما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع باحساسه وشهوده أو بمعقوله وأما أن لا يكون كذلك فان كانت من القسمين الأولين لم يحتج الا إلى معرفة اللغة بأن يكون قد عرف معاني الالفاظ المفردة ومعنى التركيب فإذا قيل له بعد ذلك * (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين) *
(١٠٥)