بل غايته أنه يجب اشتراط أمور كالاختيار وترك الجحود والاستكبار وأما أنه يلزم على قصد تقسيمه وتفسيره كون اليقين الخالي عن الإذعان والقبول تصورا أو خارجا عن التصور والتصديق فذلك بحث آخر لكن الكلام في إمكان الإيقان بدون الإذعان وفي كون بعض الكفار موقنين بجميع ما جاء به النبي عليه السلام غير مصدقين وفي أن كفرهم ليس من جهة الإباء عن الإقرار باللسان والاستكبار عن امتثال الأوامر وقبول الأحكام والإصرار على التكذيب باللسان إلى غير ذلك من موجبات الكفر مع تصديق القلب لعدم الاعتداد به مع تلك الإمارات كما في إلقاء المصحف في القاذورات الثالث أنا لا نفهم من نسبة التصديق إلى المتكلم بالقلب سوى إذعانه وقبوله وإدراكه لهذا المعنى أعني كون المتكلم صادقا من غير أن يتصور هناك فعل وتأثير من القلب ونقطع بأن هذا كيفية للنفس قد تحصل بالكسب والاختيار ومباشرة الأسباب وقد تحصل بدونها فغاية الأمر أن يشترط فيما اعتبر في الإيمان أن يكون تحصيله بالاختيار على ما هو قاعدة المأمور به وأما أن هذا فعل وتأثير من النفس لا كيفية لها وأن الاختيار معتبر في مفهوم التصديق اللغوي فممنوع بل معلوم الانتفاء قطعا ولو كان الإيمان والتصديق من مقولة الفعل دون الكيف لما صح الاتصاف به حقيقة إلا حال المباشرة والتحصيل كما لا يخفى على من يعرف معنى هذه المقولة الرابع أنه وقع في كلام كثير من عظماء الملة وعلماء الأمة مكان لفظ التصديق لفظ المعرفة والعلم والاعتقاد فينبغي أن يحمل على العلم التصديقي المعبر عنه بكرويدن ويقطع بأن التصديق من جنس العلوم والاعتقادات لكنه في الإيمان مشروط بقيود وخصوصيات كالتحصيل والاختيار وترك الجحود والاستكبار ويدل على ذلك ما ذكره أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه أن الإيمان معرفة والمعرفة تسليم والتسليم تصديق فإن قيل قد ذكر إمام الحرمين والإمام الرازي وغيرهما أن التصديق من جنس كلام النفس وكلام النفس غير العلم والإرادة قلنا معناه أنه ليس بمتعين أن يكون علما أو إرادة بل كل ما يحصل في النفس من حيث يدل عليه بعبارة أو كتابة أو إشارة فهو كلام النفس سواء كان علما أو إرادة أو طلبا أو إخبارا أو استخبارا أو غير ذلك وليس كلام النفس نوعا من المعاني مغايرا لما هو حاصل في النفس باتفاق الفرق وإلا لكان إنكاره إنكارا للتصديق والطلب والإخبار والاستخبار وسائر ما يحصل في القلب وليس كذلك بل إنكاره عائد إلى أن الكلام هو المسموع فقط دون هذه المعاني فالقول بأن الإيمان كلام النفس لا يكفي في التقصي عن مطالبته أنه من أي نوع من أنواع الأعراض وأية مقولة من المقولات ولا محيص سوى تسليم أنه من الكيفيات النفسية الحاصلة بالاختيار الخالية عن الجحود والاستكبار وليت شعري أنه إذا لم يكن من جنس العلوم والاعتقادات فما معنى تحصيله بالدليل أو التقليد وهل يعقل أن يكون ثمرة النظر
(٢٥٣)