معا لأنا نقول لا كلام في أن المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق والشايع في الاستعمال هو الدوام لكن قد يستعمل في المكث الطويل المنقطع كسجن مخلد ووقف مخلد فيكون محتملا على أن في جعله لمطلق المكث الطويل نفيا للمجاز والاشتراك فيكون أولى ثم أن المكث الطويل سواء جعل معنى حقيقيا أو مجازيا أعم من أيكون مع دوام كما في حق الكفار أو انقطاع كما في حق الفساق فلا محذور في إرادتهم جميعا و ح فلا نسلم أن التأبيد تأكيد بل تقييد ولو سلم فالمراد به تأكيد لطول المكث إذ قد يقال حبس مؤبد ووقف مؤبد وعن الثالثة بأنها في حق الكافرين المنكرين للحشر بقرينة قوله * (ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) * مع ما في دلالتها على الخلود من المناقشة الظاهرة لجواز أن يخرجوا عند عدم إرادتهم الخروج بالبأس أو الذهول أو نحو ذلك وعن الرابعة بعد تسليم إفادتها النفي عن كل فرد ودلالتها على دوام عدم الغيبة إنما يخص بالكفار جمعا بين الأدلة وكذا الخامسة والسادسة حملا للحدود على حدود الإسلام ولإحاطة الخطيئة على غلبتها بحيث لا يبقى معها الإيمان هذا مع ما في الخلود من الاحتمال الثاني أن الفاسق لو دخل الجنة لكان باستحقاق لامتناع دخول غير المستحق كالكافر واللازم منتف لبطلان الاستحقاق بالإحباط أو الموازنة على ما سيجيء ورد بمنع المقدمتين بل إنما يدخل بفضل الله ورحمته ووعده ومغفرته وسنتكلم على الإحباط والموازنة الثالث لو انقطع عذاب الفاسق لانقطع عذاب الكافر قياسا عليه بجامع تناهي المعصية ورد بمنع غلبة التناهي ومنع تناهي الكفر قدرا ومنع اعتبار القياس في مقابلة النص والإجماع وفي الاعتقادات الرابع أن الوعيد بالعقاب الدائم لطف بالعباد لكونه أزجر عن المعاصي فإن منهم من لا يكترث بالعذاب المنقطع عند الميل إلى المستلذات ثم لا بد من تحقيق الوعيد تصديقا للخبر وصونا للقول عن التبديل ورد بمنع وجوب اللطف ومنع انحصاره في الدوام فإن من لا يكترث باللبث في الجحيم أحقابا قلما يستكثر الخلود فيها عقابا وإذ قد كان كل وعيد لطفا ولا شيء من الوعيد يطلق للكل فليكن لطف الخلود في النار مختصا بالكفار وكفى بوعيد النيران بل وعد الجنان لطفا ومزجرة لأهل الإيمان ولو وجب ما هو الغاية في اللطف والزجر لما صح الاكتفاء بوعيد الخلود في النار لإمكان المزيد قال المبحث الحادي عشر لا خلاف في أن من آمن بعد الكفر والمعاصي فهو من أهل الجنة بمنزلة من لا معصية له ومن كفر نعوذ بالله بعد الإيمان والعمل الصالح فهو من أهل النار بمنزلة من لا حسنة له وإنما الكلام فيمن آمن
(٢٣١)