شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٠
والنار مع وجود هذا العالم قال (خاتمة) لم يرد نص صريح في تعيين مكان الجنة والنار والأكثرون على أن الجنة فوق السماوات السبع وتحت العرش تشبثا بقوله تعالى * (عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى) * وقوله عليه السلام سقف الجنة عرش الرحمن والنار تحت الأرضين السبع والحق تفويض ذلك إلى علم العليم الخبير قال المبحث السادس في سؤال القبر وعذابه اتفق الإسلاميون على حقية سؤال منكر ونكير في القبر وعذاب الكفار وبعض العصاة فيه ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة قال بعض المتأخرين منهم حكي إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو وإنما نسب إلى المعتزلة وهم براء منه لمخالطة ضرار إياهم وتبعه قوم من السفهاء المعاندين للحق لنا الآيات كقوله تعالى في آل فرعون * (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) * أي قبل القيامة وذلك في القبر بدليل قوله تعالى * (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * وكقوله تعالى في قوم نوح * (أغرقوا فأدخلوا نارا) * والفاء للتعقيب وكقوله تعالى * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * وإحدى الحياتين ليست إلا في القبر ولا يكون إلا لأنموذج ثواب أو عقاب بالاتفاق وكقوله تعالى * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله) * والأحاديث المتواترة المعنى كقوله صلى الله عليه وسلم القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران وكما روي أنه عليه السلام مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان الحديث وكالحديث المعروف في الملكين اللذين هما يدخلان القبر ومعهما مرزبتان فيسألان الميت عن ربه وعن دينه وعن نبيه إلى غير ذلك من الأخبار والآثار المسطورة في الكتب المشهورة وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذته من عذاب القبر واستفاض ذلك في الأدعية المأثورة تمسك المنكرون بالسمع والعقل أما السمع وهو للمعترفين بظواهر الشرايع فقوله تعالى * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) * ولو كان في القبر حياة ولا محالة يعقبها موت إذ لا خلاف في إحياء الحشر لكان لهم قبل دخول الجنة موتتان لا موتة واحدة فقط فإن قيل ما معنى هذا الاستثناء ومعلوم أن لا موت في الجنة أصلا ولو فرض فلا يتصور ذوق الموتة الأولى فيها قلنا هو منقطع أي لكن ذاقوا الموتة الأولى أو متصل على قصد المبالغة في عدم انقطاع نعيم الجنة بالموت بمنزلة تعليقه بالمحال أي لو أمكنت فيها موتة لكانت الموتة الأولى التي مضت وانقضت لكن ذلك محال فإن قيل وصف الموتة بالأولى
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»