شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
وقد بين ذلك على التفصيل في كتب التفسير ومنها أن فيه الكذب المحض كقوله تعالى * (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) * للقطع بأن الأمر للسجود لم يكن بعد خلقنا وتصويرنا ورد بأن المراد خلق أبينا آدم وتصويره ومنها أن فيه الشعر من كل بحر وقد قال * (وما علمناه الشعر) * فمن الطويل * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * ومن المديد * (واصنع الفلك بأعيننا) * ومن البسيط * (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) * ومن الوافر * (ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) * ومن الكامل * (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) * ومن الهزج * (تالله لقد آثرك الله علينا) * ومن الرجز * (ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا) * ومن الرمل * (وجفان كالجواب وقدور راسيات) * ومن السريع * (قال فما خطبك يا سامري) * ومن المنسرح * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة) * ومن الخفيف * (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم) * ومن المضارع * (يوم التناد يوم تولون مدبرين) * ومن المقتضب * (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) * ومن المجتث * (المطوعين من المؤمنين في الصدقات) * ومن المتقارب * (وأملي لهم إن كيدي متين) * ورد بأن مجرد كون اللفظ على هذه الأوزان لا يكفي بل لا بد من تعمد الوزن وعند البعض من التقفية على أن في كثير مما ذكر نوع تغيير ولو سلم فالتغليب باب واسع قال وأما النوع الثاني من أنواع المعجزات إخباره عن الغيوب الماضية والمستقبلة أما الماضية فكقصة موسى وفرعون وقصة يوسف وقصة إبراهيم ونوح ولوط وغيرهم عليهم السلام على تفاصيلها وطولها من غير سماع من أحد ولا يلقن من كتاب على ما أشير إليه بقوله تعالى * (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا) * وأما المستقبلة فمنها ما في القرآن كقوله تعالى * (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها) * * (ألم غلبت الروم) * إلى قوله * (وعد الله لا يخلف الله وعده) * * (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) * * (سيهزم الجمع ويولون الدبر) * * (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) * * (ليستخلفنهم في الأرض) * * (لتدخلن المسجد الحرام) * * (ليظهره على الدين كله) * * (لا يأتون بمثله) * * (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) * * (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) * ومنها ما ليس فيه كقوله عليه السلام لعلي رضي الله تعالى عنه تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين ولعمار تقتلك الفئة الباغية وقوله عليه السلام زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها وقوله الخلافة بعدي ثلاثون سنة وكإخباره بهلاك كسرى وقيصر وزوال ملكهما وإنفاق كنوزهما في سبيل الله وباستيلاء الأتراك إلى غير ذلك مما ورد في صحاح الأحاديث وقد اقترنت بدعوى النبوة فيتميز عن الكرامات وبطهارة النفس وصوالح الأعمال وترك المراجعة إلى أحوال الكواكب والنظر في آلاتها فيتميز عن السحر والكهانة والنجوم وأمثال ذلك قال وأما النوع الثالث من أنواع
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»