الشعراء وإن له حلاوة وعليه طلاوة وإن أسافله مغدقة وأعاليه مثمرة فآثروا المقارعة على المعارضة والمقاتلة على المقاولة وأبى الله إلا أن يتم نوره على كره من المشركين ورغم المعاندين وحين انتهى الأمر إلى من بعدهم من أعداء الدين وفرق الملحدين اخترعوا مطاعين ليست إلا هزءة للساخرين وضحكة للناظرين منها أن فيه كلمات غير عربية كالإستبرق والسجيل والقسطاس والمقاليد فكيف يصح أنه عربي مبين فرد بأن ذلك من توافق اللغتين أو المراد أنه عربي النظم والتركيب أو الكل عربي على سبيل التغليب ومنها أن فيه خطأ من جهة الإعراب مثل إن هذان لساحران وأن الذين هادوا والصابئون ولكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة ورد بأن كل ذلك صواب على ما بين في علم الإعراب ومنها أن فيه مما يكذبه حيث أخبر بأنه لا يتيسر للبشر والجن بل الإنس والجن الآيتان بمثل سورة منه وأقل السور ثلاث آيات ثم حكي عن موسى مع اعترافه بأن هارون أفصح منه مقدار إحدى عشرة آية منه وهي قوله تعالى * (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري) * إلى قوله * (إنك كنت بنا بصيرا) * ورد بأن المحكي لا يلزم أن يكون لهذا النظم بعينه على أن المختار عند البعض في المتحدي به سورة من الطوال أو عشر من الأوساط ومنها أن فيه متشابهات يتمسك بها أهل الغواية كالمجسمة بمثل * (الرحمن على العرش استوى) * ورد بأنها لنيل المثوبة بالنظر والاجتهاد في طلب المراد أو لفوائد لا تحصى بالرجوع إلى الراسخين في العلم ومنها أن فيه عيب التكرار كإعادة قصة فرعون في عدة مواضع وكإعادة * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) * و * (ويل يومئذ للمكذبين) * في سورة الرحمن والمرسلات ورد بأنه ربما يكون من محاسن الكلام على ما يقرره علماء البيان فيما وقع منه في القرآن ومنها أن فيه قوله * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * وأنت تجد فيه من الاختلاف المسموع من أصحاب القراءة ما يربى على اثني عشر ألفا ورد بأن المراد من الاختلاف المنفي هو التفاوت في مراتب البلاغة بحيث يكون بعضه قاصرا عن مرتبة الإعجاز لا يقال تقدير الطعن فاسد عن أصله لأنه استدلال بثبوت اللازم على ثبوت الملزوم لأنا نقول لا بل هو مبني على أن كلمة لو في اللغة تفيد انتفاء الجزاء لانتفاء الشرط يعني عدم وجدان الاختلاف فيه بسبب أنه ليس من عند غير الله وأما إذا حملت كلمة لو في الآية على ما هو قانون الاستدلال كما في قوله تعالى * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * فهو استدلال بنفي اللازم على نفي الملزوم أي لكن لم يوجد فيه الاختلاف فلم يكن من عند غير الله وتمام تحقيق هذا المقام يطلب من شرحنا لتلخيص المفتاح ومنها أن فيه التناقض كقوله تعالى * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) * مع قوله * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) * * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) * مع قوله * (ولا طعام إلا من غسلين) * إلى غير ذلك من مواضع يتوهم فيها تنافي الكلامين ورد بمنع وجود شرايط التناقض
(١٨٦)