السماء وسينزل إلى الدنيا قلنا بلى ولكنه على شريعة نبينا لا يسعه إلا اتباعه على ما قال عليه السلام في حق موسى أنه لو كان حيا لما وسعه إلا اتباعي فيصح أنه خاتم الأنبياء بمعنى أنه لا يبعث نبي بعده وأجمع المسلمون على أن أفضل الأنبياء محمد لأن أمته خير الأمم لقوله تعالى * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) * وتفضيل الأمة من حيث أنها أمة تفضيل للرسول الذي هم أمته ولأنه مبعوث إلى الثقلين وخاتم الأنبياء والرسل ومعجزته الظاهرة الباهرة باقية على وجه الزمان وشريعته ناسخة لجميع الأديان وشهادته قائمة في القيامة على كافة البشر إلى غير ذلك من خصايص لا تعد ولا تحصى وقوله تعالى * (ورفع بعضهم درجات) * إشارة إلى ذلك والأحاديث الصحاح في هذا المعنى كثيرة حتى قال عليه السلام أنا أكرم الأولين والآخرين على الله تعالى ولا فخر فما قال عليه السلام لا تخيروني على موسى وما ينبغي لعبد أن يقول إني خير من يونس بن متى تواضع منه واختلفوا في الأفضل بعده فقيل آدم لكونه أبا البشر وقيل نوح لطول عبادته ومجاهدته وقيل إبراهيم لزيادة توكله واطمئنانه وقيل موسى لكونه كليم الله ونجيه وقيل عيسى لكونه روح الله وصفيه وفضله النصارى على الكل بأنه كلمة ألقاها إلى مريم وروح منه طاهر مقدس لم يخلق من نطفة وقد ولدته سيدة نساء العالمين المطهرة عن الأدناس وتربى في حجر الأنبياء والأولياء وتكلم في المهد بعبودية نفسه وربوبية الله لم يخل زمانا من التوحيد والشرايع ولم يلتفت إلى زخارف الدنيا ولم يستمتع بلذاتها ولم يدخر قوت يوم ولم يسع في هلاك نفس أو سبيها أو استرقاقها ولا في أخذ مال ولا ولد ولا إيذاء لأحد معجزاته من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص أبهر المعجزات وأشهرها ثم هو في السماء ومن زمرة الأحياء ونبوته مما اتفق عليها ذوو الآراء واعترف بها خاتم الأنبياء والجواب أن البعض من ذلك حجة لنا وشاهد بفضل نبينا كالولادة من المشركين والمشركات والتربي في حجرهم مع المواظبة على التوحيد والطاعات وكالإقبال على الجهاد وقمع المشركين وقهر أعداء الدين وكالقيام بمصالح نظام العالم مع الاستغراق في التوجه إلى جناب القدس وأما معجزاته فإنما اشتهر تلك الشهرة بإخبار من نبينا وكتابه مع ذلك فأين هي من معجزاته ثم الكون ميتا في الأرض أنفع للأمة من الكون حيا في السماء حيث صارت الروضة المقدسة مهبطا للبركات ومصعدا للدعوات وموطنا للاجتماع على الطاعات إلى غير ذلك من أنواع الخيرات ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم مما نطق به العجماء وشهد به رب الأرض والسماء واتفق عليه من سبقه من الأنبياء وخصائصه مما لا يضبطه العد والإحصاء وقد أشرقت الأرض بنورها إشراق الشمس في كبد السماء فصياح الخصماء نباح الكلام في الليلة القمراء قال خاتمة قد ثبت معراج النبي صلى الله عليه وسلم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة إلا أن الخلاف في أنه في المنام أو في اليقظة وبالروح فقط أو بالجسد وإلى المسجد
(١٩٢)