شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٦٩
في نفس الأمر لا يمكن التطبيق فيه إلا بمجرد الوهم فينقطع بانقطاعه بخلاف ما في نفس الأمر فإنه لا بد أن يقع بإزاء كل جزء جزء أو لا يقع وهو معنى الانقطاع وأما عندهم فنظرا إلى أن التطبيق بحسب نفس الأمر إنما يتصور فيما له مع الوجود ترتب ليوجد بإزاء كل جزء من هذه جزء من تلك فلا يجري في الأعداد ولا في الحركات الفلكية ولا في النفوس الناطقة والحق أن تحصيل الجملتين من سلسلة واحدة ثم مقابلة جزء من هذه بجزء من تلك إنما هو بحسب العقل دون الخارج فإن كفى في تمام الدليل حكم العقل بأنه لا بد أن يقع بإزاء كل جزء جزء أو لا يقع فالدليل جار في الأعداد وفي الموجودات المتعاقبة والمجتمعة المترتبة وغير المترتبة لأن للعقل أن يفرض ذلك في الكل وإن لم يكف ذلك بل اشتراط ملاحظة إجراء الجملتين على التفصيل لم يتم الدليل في الموجودات المترتبة فضلا عما عداها لأنه لا سبيل للعقل إلى ذلك إلا فيما لا يتناهى من الزمان قال الثالث لما اشتملت الوجه الثالث أنه لو تنته سلسلة العلل والمعلولات إلى علة لا يكون معلولا لشيء لزم عدم تكافؤ المتضايفين واللازم بط لما سيجيء أو نقول لو كان المتضايفان متكافئين لزم انتهاء السلسلة إلى علة محضة والمقدم حق لأن معناه أنهما بحيث إذا وجد أحدهما في العقل أو في الخارج وجد الآخر وإذا انتفى انتفى وجه اللزوم أن المعلول الأخير يشتمل على معلولية محضة وكل مما فوقه على علية ومعلولية فلو لم ينته إلى ما يشتمل على علية محضة لزم معلولية بلا علية فإن قيل المكافي لمعلولية المعلول المحض علية المعلول الذي فوقه بلا وسط لا علية العلة المحضة قلنا نعم إلا أن المراد أنه لا بد أن يكون بإزاء كل معلولية علية وهذا يقتضي ثبوت العلة المحضة وللقوم في التعبير عن هذا الاستدلال عبارتان أحدهما لو تسلسلت العلل والمعلولات إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلول على عدد العلة وهو باطل ضرورة تكافؤ العلية والمعلولية وبيان اللزوم أن كل علة في السلسلة فهو معلول على ما هو المفروض وليس كل ما هو معلول فيها علة كالمعلول الأخير وثانيهما نأخذ جملة من العليات التي في هذه السلسلة وأخرى من المعلوليات ثم نطبق بينهما فإن زادت آحاد إحداهما على الأخرى بطل تكافؤ العلية والمعلولية لأن معنى التكافؤ أن يكون بإزاء كل معلولية علية وبالعكس وإن لم تزد لزم علية بلا معلولية ضرورة أن في الجانب المتناهي معلولية بلا علية كما في المعلول الأخير فلزم الخلف لأن التقدير عدم انتهاء السلسلة إلى علة محضة (قال الرابع نعزل) الوجه الرابع أنا نعزل المعلول المحض من السلسلة المفروضة ونجعل كلا من الآحاد التي فوقه متعددا باعتبار وصفي العلية والمعلولية لأن الشيء من حيث أنه علة مغاير له من حيث أنه معلول فتحصل جملتان متغايرتان بالاعتبار إحداهما العلل والأخرى المعلولات ويلزم عند التطبيق بينهما زيادة وصف
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»