من حيث هي صورة مالا من حيث هي تلك الصورة المعينة ضرورة بقائها عند انعدام الصورة المعينة والصورة من حيث هي صورة مالا تكون واحدة بالعدد فلا يمكن أن تكون علة مستقلة للمادة الواحدة بالعدد وإنما لم يجعلوا المادة جزء فاعل للصورة بناء على احتياج الصورة إليها لما تقرر عندهم من أن شأن المادة القبول لا الفعل فإن قيل لما احتاجت الصورة إلى المادة امتنع كونها جزأ من فاعلها للزوم الدور لما زعموا أن تشخص الصورة يكون بالمحل المعين ومن حيث هو قابل لتشخصها وتشخص المحل يكون بالصورة المطلقة ومن حيث هي فاعل لتشخصه فلا دور ولا تتقوم المادة بصورتين في درجة إما بطريق الاستقلال بأن يكون كل منهما مقوما فظاهر لأن تقومها لكل منهما يستلزم الاستغناء عن الأخرى وإما بطريق الاجتماع فلأن المقوم ح يكون هو المجموع إلى كل واحد والمجموع أمر واحد ويجوز تقوم المادة بصورتين في درجتين كالصورة الجسمية والنوعية للمادة بمعنى أنها تفتقر في وجودها إلى الصورة الجسمية المفتقرة إلى الصورة النوعية فيقع افتقار المادة إليها في الدرجة الثانية قال وقد يقال كل من الصورة والمادة يقال بالاشتراك بمعنى غير ما سبق فالصورة للهيئة الحاصلة في أمر قابل له وحدة بحسب الذات أو بحسب الاعتبار والمادة لمحل تلك الهيئة كالبياض والجسم وبهذا الاعتبار يصح إضافة كل منهما إلى الآخر والظاهر أن إطلاق الصورة والمادة في المركبات الصناعية مثل السيف والسرير والبيت يكون بهذا المعنى لأن الهيئة التي أحدثها النجار وسموها الصورة السريرية إنما هي عرض قائم بالخشبات لا جوهر حال فيها وكذا صورة السيف والبيت وعلى هذا يندفع اعتراض الإمام على تفسير العلة الصورية بأن الهيئة السيفية صورة للسيف وليست مما يجب معها السيف بالفعل إذ قد يكون في خشب أو حجر ولا سيف وأجاب الإمام بأنا لا نعني بوجوب المركب مع الصورة أن نوع الصورة يوجب المركب بل أن الصورة الشخصية السيفية مثلا توجب ذلك السيف بخلاف مادته الشخصية فإنها لا توجبه بل قد تكون بعينها مادة لشيء آخر والصورة الحاصلة في الحجر ليست بعينها الصورة الحالة في الحديد بل بنوعها وهذا يشعر بأن المراد بالصورة في المركبات الصناعية أيضا الجزء الذي يجب المركب معه بالفعل ولا يستقيم إلا إذا جعلنا السيف مثلا اسما للمركب من المعروض الذي هو الحديد والعارض الذي هو الهيئة فيكون كل منهما داخلا فيه ووجوبه مع الأول بالقوة ومع الثاني بالفعل (قال وأما غاية الشيء) يريد بيان علته الغائية دفعا لما يستبعد من كون المتأخر عن الشيء علة له فمعنى كون غاية الشيء علة له أن ذلك الشيء يفتقر في وجوده العيني إلى
(١٧٢)