شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٧٠
العلية ضرورة سبق العلة على المعلول فإن كل علة لا تنطبق على معلولها في مرتبتها بل على معلول علتها المتقدمة عليها بمرتبة لخروج المعلول الأخير لعدم كونه مفروضا للعلية فيلزم زيادة مراتب العلل بواحدة وإلا بطل السبق اللازم للعلة ومعنى زيادة مرتبة العلية أن يوجد علة لا تكون معلولا وفيه انقطاع للسلسلتين (قال الخامس) الوجه الخامس أن السلسلة المفروضة من العلل والمعلولات الغير المتناهية إما أن تكون منقسمة بمتساويين فيكون زوجا أو لا فيكون فراد وكل زوج فهو أقل بواحد من فرد بعده كالأربعة من الخمسة وكل فرد فهو أقل بواحد من زوج بعده كالخمسة من الستة وكل عدد يكون أقل من عدد آخر يكون متناهيا بالضرورة كيف لا وهو محصور بين حاصرين هما ابتداؤه وذلك الواحد الذي بعده ورد بأنا لا نسلم أن كل مالا ينقسم بمتساويين فهو فرد وإنما يلزم لو كان متناهيا فإن الزوجية والفردية من خواص العدد المتناهي وقد يطوي حديث الزوجية والفردية فيقال كل عدد فهو قابل للزيادة فيكون أقل من عدد فيكون متناهيا والمنع ظاهر قال السادس الوجه السادس أن ما بين هذا المعلول كالمعلول الأخير وكل من علله البعيدة الرافعة في السلسلة متناه ضرورة كونه محصورا بين حاصرين وهذا يستلزم تناهي السلسلة لأنها حينئذ لا تزيد على المتناهي إلا بواحد بحكم الحدس فإنه إذا كان ما بين مبدأ المسافة وكل جزء من الأجزاء الواقعة فيها لا يزيد على فرسخ فالمسافة لا تزيد على فرسخ إلا بجزء هو المنتهي إن جعلنا المبدأ مندرجا على ما هو المفهوم من قولنا سني ما بين خمسين إلى ستين وإلا فبجزئين فيصلح الدليل للنظر وإصابة المطلوب وإن لم يصلح للمناظرة وإلزام الخصم لأنه قد لا يذعن للمقدمة الحدسية بل ربما يمنعها مستندا بأنه إنما يلزم ذلك لو كان مراتب ما بين متناهيا كما في المسافة وإما على تقدير لاتناهيها كما في السلسلة فلا إذ لا ينتهي إلى ما بين لا يوجد ما بين آخر أزيد منه وقد تبين الاستلزام بأن المتألف من الأعداد المتناهية لا يكون إلا متناهيا وهو في غاية الضعف لأنه إعادة للدعوى بل ما هو أبعد منها وأخفى لأن التألف من نفس الآحاد أقرب إلى التناهي من التألف من الأعداد التي كل منها متناهية الآحاد فالمنع عليه أظهر وإنما يتم لو كانت عدة الأعداد المتناهية متناهية وهو غير لازم ومن ههنا يذهب الوهم إلى أن هذا استدلال بثبوت الحكم أعني التناهي لكل على ثبوته للكل وهو باطل (قال السابع)
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»