شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٨٠
أو أكثر ولهذا يختلف باختلاف الإضافة فتكون السريعة بطيئة بالنسبة إلى الأسرع وبالجملة فليس هناك عرض هو الحركة وآخر هو السرعة أو البطء وأما الوحدة والوجود فقد سبق أن الوحدة اعتبار عقلي بل عدمي وأن الوجود في الخارج نفس الماهية أو هو من الاعتبارات العقلية أو واسطة بين الموجود والمعدوم وبالجملة فجعله من قبيل الأعراض خطأ فاحش لا ينبغي أن يقول به المحصل فإن من شأن العرض أن يفتقر في التقوم إلى المحل ويستغني عنه المحل قال المبحث الخامس ذهب كثير من المتكلمين إلى أن شيئا من الأعراض لا يبقى زمانين بل كلها على التقضي والتجدد كالحركة والزمان عند الفلاسفة وبقاؤها عبارة عن تجدد الأمثال بإرادة الله تعالى وبقاء الجوهر مشروط بالعرض فمن ههنا يحتاجان في بقائهما إلى المؤثر مع أن علة الاحتياج هو الحدوث لا الإمكان احتج أهل الظاهر منهم بوجهين (1) أن العرض اسم لما يمتنع بقاؤه بدلالة مأخذ الاشتقاق يقال عرض لفلان أمر أي معنى لا قرار له وهذا أمر عارض وهذه الحالة ليست بأصلية بل عارضية ولهذا يسمى السحاب عارضا وليس اسما لما يقوم بذاته بل يفتقر إلى محل يقوم به إذ ليس في معناه اللغوي ما ينبئ عن هذا المعنى (2) أنه لو بقي فإما ببقاء محله فيلزم أن يدوم بدوامه لأن الدوام هو البقاء وأن يتصف بسائر صفاته من التحيز والتقوم بالذات وغير ذلك لكونها من توابع البقاء وإما ببقاء آخر فيلزم أن يمكن بقاؤه مع فناء المحل ضرورة أنه لا تعلق لبقائه ببقائه وكلا الوجهين في غاية الضعف لأن العروض في اللغة إنما ينبئ عن عدم الدوام لا عن عدم البقاء زمانين وأكثر ولو سلم فلا يلزم في المعنى المصطلح عليه اعتبار هذا المعنى بالكلية ولأن بقاءه ببقاء آخر لا يستلزم إمكان بقائه مع فناء المحل لجواز أن يكون بقاؤه مشروطا ببقاء المحل لوجوده بوجود مو احتج أهل التحقيق بوجهين (1) أنه لو كان باقيا لكان بقاؤه عرضا قائما به ضرورة كونه وصفا له واللازم باطل لاستحالة قيام العرض بالعرض ورد بمنع الملازمة فإن البقاء عبارة عن استمرار الوجود وانتسابه إلى الزمان الثاني والثالث وليس عرضا قائما بالباقي ومنع انتفاء اللازم إذ لا يتم البرهان على امتناع قيام العرض بالعرض (2) أنه لو بقي لامتنع زواله واللازم ظاهر البطلان وجه اللزوم أنه لو أمكن زواله بعد البقاء لكان زواله حادثا مفتقرا إلى سبب فسببه إما نفس ذاته فيمتنع وجوده ضرورة أن ما يكون عدمه مقتضى ذاته لم يوجد أصلا وإما زوال شرط من شرائط الوجود فينقل الكلام إلى زوال ذلك الشرط ويتسلسل ضرورة أنه يكون لزوال شرط له وهلم جرا وإما طريان ضد وهو باطل لوجهين أحدهما لزوم الدور فإن طريان أحد الضدين على المحل مشروط بزوال الآخر وهو موقوف عليه فلو توقف
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»