شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٦٤
الجسم حتى يكون مبدأ حركة الأصغر أصغر وعن الرابع بأن الاختلاف بالسرعة والبطاء يكون تفاوتا بحسب الشدة وليس الكلام فيه بل في التفاوت بحسب المدة والعدة ومعناه الزيادة والنقصان في زمان الحركة وعددها وعن الخامس بأن دورات القمر أو زحل ليست جملة موجودة يمكن الحكم عليها بالزيادة والنقصان ولا هناك أيضا قوة موجودة تستند تلك الدورات إليها بل إنما تستند إلى إرادات متجددة متعددة متعاقبة لا توجد إلا مع الحركات بخلاف ما نحن فيه فإن كون جملة الأفعال وإن لم تكن حاصلة في الحال لكن كون القوة قوية عليها أمر حاصل في الحال متفاوت بالزيادة والنقصان بالنسبة إلى تحريك الصغير والكبير وفي هذا نظر وعليه زيادة كلام يذكر في إبطال التسلسل وأجيب عن أصل الدليل بعد تسليم تأثير القوى بأن ما ذكرتم من اختلاف القسرية باختلاف القابل والطبيعية باختلاف الفاعل بحيث يكون تفاوت القوة على المعاوقة أو على التحريك في الجسم الصغير والكبير بنسبة مقداريهما حتى لو كان مقدار الصغير نصف مقدار الكبير كانت قوة معاوقته أو تحريكه نصف قوة معاوقة الكبير أو تحريكه ليلزم أن تكون حركته القسرية ضعف حركة الكبير وحركته الطبيعية نصفها ممنوع لجواز أن تكون القوة من الأعراض التي لا تنقسم بانقسام المحل كالوحدة والنقطة والأبوة قال المبحث السادس يستحيل يريد بيان استحالة الدور والتسلسل وعبر عنهما بعبارة جامعة وهي أن يتراقى عروض العلية والمعلولية لا إلى نهاية بأن يكون كل ما هو معروض للعلية معروضا للمعلولية ولا ينتهي إلى ما تعرض له العلية دون المعلولية فإن كانت المعروضات متناهية فهو الدور بمرتبة إن كانا اثنتين وبمراتب إن كانت فوق الاثنتين وإلا فهو التسلسل إما بطلان الدور فلأنه يستلزم تقدم الشيء على نفسه وهو ضروري الاستحالة وجه الاستلزام أن الشيء إذا كان علة لآخر كان متقدما عليه وإذا كان الآخر علة له كان متقدما عليه والمتقدم على المتقدم على الشيء متقدم على ذلك الشيء فيكن الشيء متقدما على نفسه ويلزمه كون الشيء متأخرا عن نفسه وهو معنى احتياجه إلى نفسه وتوقفه على نفسه والكل بديهي الاستحالة وربما يبين بأن التقدم أو التوقف أو الاحتياج نسبة لا تعقل إلا بين اثنين وبأن نسبة المحتاج إليه إلى المحتاج الوجوب وعكسها الإمكان والكل ضعيف لأن التغاير الاعتباري كاف فإن قيل إن أريد بتقدم الشيء على نفسه التقدم بالزمان فغير لازم في العلة أو بالعلية فنفس المدعي لأن قولنا الشيء لا يتقدم على نفسه بالعلية بمنزلة قولنا الشيء لا يكون علة لنفسه قلنا المراد التقدم بالمعنى الذي يصحح قولنا وجد فوجد على ما هو اللازم في كون الشيء علة للشيء بمعنى أنه مالم توجد العلة لم يوجد المعلول ألا ترى أنه يصح أن يقال وجدت حركة اليد فوجدت حركة الخاتم ولا يصح أن يقال وجدت حركة الخاتم فوجدت حركة اليد ولا خفاء في استحالة ذلك بالنظر إلى الشيء ونفسه فإن قيل
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»