فوقه ثم تطبق بينهما فإن وقع بإزاء كل جزء من التامة جزء من الناقصة لزم تساوي الكل والجزء وهو محال وإن لم يقع ولا يتصور ذلك إلا بأن يوجد جزء من التامة لا يكون بإذائه جزء من الناقصة لزم انقطاع الناقصة بالضرورة والتامة لا يزيد عليها إلا بواحد على ما هو المفروض فيلزم تناهيها ضرورة أن الزائد على المتناهي بالمتناهي متناه واعترض بوجهين أحدهما نقض أصل الدليل بأنه لو صح لزم أن تكون الأعداد متناهية لأنا نفرض جملة من الواحد إلى غير النهاية وأخرى من الاثنين إلى غير النهاية ثم نطبق بينهما وتناهي الأعداد باطل بالاتفاق وأن تكون معلومات الله تعالى متناهية للتطبيق بين الكامل وبين الناقص منه بواحد وتناهيها باطل عند المتكلمين وأن تكون الحركات الفلكية متناهية للتطبيق بين سلسلة من هذه الدورة وأخرى من الدورة التي قبلها وتناهيها باطل عند الفلاسفة وثانيهما نقض المقدمة القائلة بأن إحدى الجملتين إذا كانت أنقص من الأخرى لزم انقطاعها بأن الحاصل من تضعيف الواحد مرارا غير متناهية أقل من تضعيف الاثنين مرارا غير متناهية مع لاتناهيها اتفاقا ومقدورات الله تعالى أقل من معلوماته لاختصاصها بالممكنات وشمول العلم للممتنعات أيضا مع لاتناهي المقدورات عندنا ودورات زحل أقل من دورات القمر ضوررة مع لاتناهيها عند الفلاسفة وحاصل الاعتراض أنا نختار أنه يقع بإزاء كل جزء من التامة جزء من الناقصة ولانم لزوم تساويهما فإن ذلك كما يكون للتساوي فقد يكون لعدم التناهي وإن سمي مجرد ذلك تساويا فلانم استحالة ذلك فيما بين التامة والناقصة بمعنى نقصان شيء من جانبها المتناهي وإنما يستحيل ذلك في الزائدة والناقصة بمعنى كون عدد إحداهما فوق عدد الأخرى وهو ليس بلازم فيما بين غير المتناهيين وإن نقصت من أحدهما ألوف وقد يجاب عن المنع بدعوى الضرورة في أن كل جملتين إما متساويتان أو متفاوتتان بالزيادة والنقصان وأن الناقصة يلزمها الانقطاع وعن النقض بتخصيص الحكم أما عندنا فبما دخلت تحت الوجود سواء كانت مجتمعة كما في سلسلة العلل والمعلولات أو لا كما في الحركات الفلكية فإنها من المعدات فلا يرد الأعداد لأنها من الاعتبارات العقلية ولا يدخل في الوجود من المعدودات إلا ما هي متناهية وكذا معلومات الله تعالى ومقدوراته ومعنى لاتناهيها أنه لا تنتهي إلى حد لا يكون فوقه عدد أو معلوم أو مقدور آخر وأما عند الفلاسفة فبما يكون موجودة معا بالفعل مترتبة وضعا كما في سلسلة المقادير على ما يذكر في تناهي الأبعاد أو طبعا كما في سلسلة العلل والمعلولات فلا يرد الحركات الفلكية لكونها متعاقبة غير مجتمعة ولا جزئيات نوع واحد كالنفوس الناطقة على تقدير عدم تناهيها بحسب العدد لكونها غير مترتبة فإن قيل التخصيص في الأدلة العقلية اعتراف ببطلانها حيث يتخلف المدلول عنها قلنا معناه أن الدليل لا يجري في صورة النص بل يختص بما عداها أما عندنا فنظرا إلى أن مالا تحقق له
(١٦٨)