شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٦٧
أمر خارج عنها وإذا كان المعلول المركب مترتب الأجزاء كانت علتها المستقلة أيضا مترتبة الأجزاء يحدث كل جزء منه لجزء منها يقارنه بحسب الزمان ولا يلزم التقدم ولا التخلف وهذا أيضا فاسد من جهة أنه لا يفيد المطلوب أعني امتناع كون العلة المستقلة للسلسلة جزأ منها إذ من أجزائها ما يجوز أن يكون علة بهذا المعنى من غير أن يلزم علية الشيء لنفسه أو لعلله وذلك مجموع الأجزاء التي كل منها معروض للعلية والمعلولية بحيث لا يخرج عنها إلا المعلول المحض المتأخر عن الكل بحسب العلية المتقدم عليها بحسب الرتبة حيث يعتبر من الجانب المتناهي ولذا يعبر عن ذلك المجموع تارة بما قبل المعلول الأخير وتارة بما بعد المعلول الأول ففي الجملة هي جزء من السلسلة تتحقق السلسلة عند تحققها ويقع بكل جزء منها جزء منها ولا يلزم من عليتها للسلسلة تقدم الشيء على نفسه فإن قيل المجموع الذي هو العلة أيضا ممكن محتاج إلى علة أجيب بأن علته المجموع الذي قبل ما فيه من المعلول الأخير وهكذا في كل مجموع قبله لا إلى نهاية فإن قيل ما بعد المعلول المحض لا يصلح علة مستقلة بإيجاد السلسلة لأنه ممكن يحتاج إلى علته وهكذا كل مجموع يفرض فلا توجد السلسلة إلا بمعاونة من تلك العلل ولأنه ليس بكاف في تحقق السلسلة بل لا بد من المعلول المحض أيضا قلنا هذا لا يقدح في الاستقلال لأن معناه عدم الافتقار في الإيجاد إلى معاونة علة خارجة وقد فرضنا أن علة كل مجموع أمر داخل فيه لا خارج عنه وظاهر أنه لا دخل لمعلوله الأخير في إيجاده فإن قيل إذا أخذت الجملة أعم من أن تكون سلسلة واحدة أو سلاسل غير متناهية على ما ذكرتم فهذا المنع أيضا مندفع إذ ليس هناك معلول أخير ومجموع مرتب قبله قلنا بل وارد بأن يجعل علتها الجزء الذي هو المجموعات الغير المتناهية التي قبل معلولاتها الأخيرة الغير المتناهية فإن قيل نحن نقول من الابتداء علة الجملة لا يجوز أن تكون جزأ منها لعدم أولوية بعض الأجزاء أو لأن كل جزء يفرض فعلته أولى منه بأن تكون علة للجملة لكونها أكثر تأثيرا قلنا ممنوع بل الجزء الذي هو ما قبل المعلول الأخير متعين للعلية لأن غيره من الأجزاء لا يستقل بإيجاد الجملة على مالا يخفى وعلى أصل الدليل منع آخر وهو أنا لانم افتقار الجملة المفروضة إلى علة غير علل الآحاد وإنما يلزم لو كان لها وجود مغاير لوجودات الآحاد المعللة كل منها لعلته وقولهم أنها ممكن مجرد عبارة بل هي ممكنات تحقق كل منها بعلته فمن أين يلزم الافتقار إلى علة أخرى وهذا كالعشرة من الرجال لا يفتقر إلى غير علل الآحاد وما يقال أن وجودات الآحاد غير وجود كل منها كلام خال عن التحصيل قال الثاني الوجه الثاني ويسمى برهان التطبيق وعليه التعويل في كل ما يدعى تناهيه أنه لو وجدت سلسلة غير متناهية إلى علة محضة تنقص من طرفها المتناهي واحد فتحصل جملتان إحداهما من المعلول المحض والثانية من الذي
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»