شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٧١
الوجه السابع أنه لو وجدت سلسلة بل جملة غير متناهية سواء كانت من العلل والمعلولات أو غيرهما مجتمعة أو متعاقبة فهي لا محالة تشتمل على ألوف فعدة الألوف الموجودة فيها إما أن تكون مساوية لعدة آحادها أو أكثر وهو ظاهر الاستحالة لأن هذه الآحاد يجب أن تكون ألف مرة مثل عدة الألوف لأن معناها أن يأخذ كل ألف من الآحاد واحدا حتى يكون عدة مائة ألف مائة وإما أن يكون أقل وهو أيضا باطل لأن الآحاد حينئذ تشتمل على جملتين إحداهما بقدر عدة الألوف والأخرى بقدر الزائد عليها والأولى أعني الجملة التي بقدر عدة الألوف إما أن تكون من الجانب المتناهي أو من الجانب الغير المتناهي وعلى التقديرين يلزم تناهي السلسلة هذا خلف وإن كانت السلسلة غير متناهية من الجانبين يفرض مقطعا فيحصل جانب متناهي فيتأتى الترديد أما لزوم التناهي على التقدير الأول فلأن عدة الألوف متناهية لكونها محصورة بين حاصرين هما طرف السلسلة والمقطع الذي هو مبدأ الجملة الثانية أعني الزائد على عدة الألوف على ما هو المفروض وإذا تناهت عدة الألوف تناهت السلسلة لكونها عبارة عن مجموع الآحاد المتألفة من تلك العدة من الألوف والمتألف من الجمل المتناهية الأعداد والآحاد متناه بالضرورة وأما على التقدير الثاني فلأن الجملة التي هي بقدر الزائد على عدة الألوف تقع في الجانب المتناهي وتكون متناهية ضرورة انحصارها بين طرف السلسلة ومبدأ عدة الألوف وهي أضعاف عدة الألوف بتسعمائة وتسعة وتسعين مرة فيلزم تناهي عدة الألوف بالضرورة ويلزم تناهي السلسلة لتناهي أجزائها عدة وآحادا على ما مر ويرد عليه وعلى بعض ما سبق منع المنفصلة القائلة بأن هذا مساو لذاك أو أكثر أو أقل فإن التساوي والتفاوت من خواص المتناهي وإن أريد بالتساوي مجرد أن يقع بإزاء كل جزء من هذا جزء من ذاك فلا نسلم استحالته فيما بين العدتين كما في الواحد إلى مالا يتناهى والعشرة إلى مالا يتناهى وكون أحدهما أضعاف الآخر لا ينافي التساوي بهذا المعنى ولو سلم فمنع كون الأقل منقطعا فإن السلسلة إذا كانت غير متناهية كان بعضها الذي من الجانب الغير المتناهي أيضا غير متناه وكذا عدة ألوفها أو مئاتها أو عشراتها وحديث الجملتين وانقطاع أوليهما بمبدأ الثانية كاذب (قال المبحث السابع المادة للصورة) لما كانت الجزئية معتبرة في مفهومي المادة والصورة لم يكونا مادة وصورة إلا باعتبار الإضافة إلى المركب منهما وإما باعتبار إضافة كل منهما إلى الأخرى فالمادة محل وقابل وحامل للصورة والصورة جزء فاعل لها بمعنى أن فيضان وجود المادة عن الفاعل يكون بإعانة من الصورة ضرورة احتياج المادة إليها مع امتناع استقلالها بالعلية لأن المادة إنما تحتاج إلى الصورة
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»