وإما ما لا يكون متحيزا ولا حالا في المتحيز فلم يعدوه من أقسام الموجود لأنه لم يثبت وجوده لما سيأتي من ضعف أدلته وربما يستدل على امتناعه بأنه لو وجد لشاركه الباري في التجرد ويحتاج في الامتياز إلى فصل فيتركب وضعفه ظاهر لأن الاشتراك في العوارض سيما السلبية لا يوجب التركب والعرض إما أن يكون مختصا بالحي كالحياة وما يتبعها من العلم والقدرة والإرادة والكلام والإدراكات أعني الإحساس بالحواس الظاهرة والباطنة وإما أن لا يكون مختصا وهي الأكوان والمحسوسات فالأكوان أربعة الاجتماع والافتراق والحركة والسكون وزاد بعضهم الكون الأول وهو الحصول في الحيز عقيب العدم والمحسوسات المدركات بالبصر أو السمع أو الشم أو الذوق أو اللمس على ما سيجيء تفصيلها وجعل بعضهم الألوان من المبصرات وأما عند الفلاسفة فالموجود في الخارج إن كان وجوده لذاته بمعنى أنه لا يفتقر في وجوده إلى شيء أصلا فهو الواجب وإلا فالممكن والممكن إن استغنى في الوجود عن الموضوع فجوهر وإلا فعرض والمراد بالموضوع محل يقوم الحال فالصورة الجوهرية إنما تدخل في تعريف الجوهر دون العرض لأنها وإن افتقرت إلى المحل لكنها مستغنية عن الموضوع فإن المحل أعم من الموضوع كما أن الحال أعم من العرض ثم خروج الواجب عن تعريف الجوهر حيث قيد الوجود بالإمكان ظاهر قالوا وكذلك إذا لم يقيد مثل موجود لا في موضوع فإن معناه ماهية إذا وجدت كانت لا في موضوع وليس للواجب ماهية ووجود زائد عليها ومعنى وجود العرض في المحل أن وجوده في نفسه هو وجوده في محله بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر بخلاف وجود الجسم في المكان فإنه أمر مغاير لوجوده في نفسه مرتب عليه زائل عنه عند الانتقال إلى مكان آخر وتحقيق ذلك أن ملاقاة موجود لموجود بالتمام لا على سبيل المماسة والمجاورة بل بحيث لا يكون بينهما تباين في الوضع ويحصل للثاني صفة من الأول كملاقاة السواد للجسم يسمى حلولا والموجود الأول حالا والثاني محلا والحال قد يكون بحيث لا يتقوم ولا يتحصل المحل بدونه فيسمى صورة ومحلها مادة وقد يكون بخلافه فيسمى الحال عرضا والمحل موضوعا (قال وأجناس الأعراض بحكم الاستقراء تسعة) الكم والكيف والابن والمتى والوضع والملك والإضافة وأن يفعل وأن ينفعل وعولوا في ذلك على الاستقراء واعترفوا بأنه لا يمكن إثبات كونها ليست أقل أو أكثر وأن كل ما ذكر في بيان ذلك تكلف لابخ عن ضعف ورداءة وإذا كان هذا كلام ابن سينا فلا وجه لما ذكر في المواقف من أنه احتج على الحصر بأن العرض أن قبل القسمة لذاته فالكم وإلا فإن لم يقتض النسبة لذاته فالكيف وإن اقتضاها فالنسبة إما للأجزاء بعضها إلى بعض وهو الوضع أو للمجموع إلى أمر خارج وهو إن كان عرضا فإما كم غير قار فمتى أو قار ينتقل بانتقاله فالملك أولا فالابن وإما نسبة
(١٧٤)