الشيء بطلت هويته الوحدانية وبالعكس أي إذا طرأت الوحدة على الأشياء بطلت الهويات المتكثرة وحصلت هوية واحدة وكان هذا مراد الإمام بقوله إذا طرأت الوحدة بطلت الوحدات التي كانت ثابتة فبطل موضوع الكثرة لأن موضوع الكثرة مجموع الوحدات وإلا فمجموع الوحدات نفس الكثرة لا موضوعها وثانيهما أن الوحدة مقومة للكثرة ولا شيء من المتقابلين كذلك أما فيما يكون أحدهما عدم الآخر فظاهر وأما في التضايف فلأن المقوم للشيء يتقدم عليه وجودا أو تعقلا والمتضايفان يكونان معا في التعقل والوجود وأما في التضاد فلأن المقوم للشيء يجامعه والضد لا يجامع الضد بل يدافعه فإن قيل هذا كاف في الكل لأن الاجتماع في المحل ينافي القابل مطلقا قلنا ممنوع لما سيجيء من أن المتقابلين بالإيجاب والسلب قد يجتمعان في محل إذا كان ذلك بحسب الوجود دون الصدق وكلا الوجهين ضعيف أما الأول فلأن موضوع المتقابلين لا يلزم أن يكون واحدا بالشخص فكيف يتصور ذلك في مثل الفرسية واللافرسية بل صرحوا بأنه قد يكون واحدا بالشخص كالعدل والجور لزيد أو بالنوع كالرجولية والمرئية للإنسان أو بالجنس كالزوجية والفردية للعدد أو بأمر أعم عارض كالخير والشر للشيء ومع ذلك فيكفي الفرض والتقدير كإنسان للفرسية واللافرسية في قولنا الإنسان فرس والإنسان ليس بفرس والإمام رحمه الله جعل عدم اتحاد موضوع الوحدة والكثرة دليل عدم التضاد بينهما فإن من شأن الضدين التعاقب على موضوع واحد ولو بالإمكان كما إذا كان أحدهما لازما كسواد الغراب وأما الثاني فلأنه إن أريد أن ذات الكثرة متقومة بذات الوحدة فممنوع أما بحسب الخارج فلأنهما اعتباران عقليان وأما بحسب الذهن فلأنا نعقل الكثرة وهو كون الشيء بحيث ينقسم بدون تعقل الوحدة وهو كونه بحيث لا ينقسم وإن أريد أن معروض الكثرة متقوم بمعروض الوحدة بمعنى أن الكثير مؤلف يصدق على كل جزء منه أنه واحد وهذا معنى اجتماع الكثرة من الوحدات فمسلم لكنه لا ينافي التقابل الذاتي بين الوحدة والكثرة العارضتين بل بين معروضيهما ولا نزاع في ذلك ألا ترى أنهم اتفقوا على أن المتقابلين بالذات إذا أخذا مع الموضوع كالفرس واللافرس وكالبصير والأعمى وكالأب والابن وكالأسود والأبيض لم يكن تقابلهما بالذات فكيف إذا أخذ نفس الموضوعين فإن قيل المراد الثاني وهو ينافي التقابل لأن كون أحد المعروضين مقوما بالآخر يستلزم اجتماعهما ضرورة اجتماع الكل والجزء وهو يستلزم اجتماع وصفيهما أو إمكانه لا أقل قلنا ممنوع وإنما يلزم لو كان المعروضان في محل وهو ليس بلازم وإنما اللازم اجتماعهما في الوجود ولو سلم فالاجتماع في المحل إنما ينافي جميع أقسام التقابل إذا كان بحسب الصدق أعني حمل المواطأة لا بحسب
(١٥١)