ورودها على الموضوع وثانيهما أن الملزوم وعدم اللازم كالسواد واللالون متقابلان ضرورة امتناع اجتماعهما وليسا أحد الأقسام أما السلب والإيجاب فلاجتماعهما على الكذب كما في البياض وأما غيرهما فظاهر ووجه التفصي أن مثل هذا ليس من التقابل لانتفاء التوارد على موضوع واحد وفي هذا الكلام نظر أما أو لا فلأن ما ذكر من اجتماع العدمين إنما يكون إذا لم يعتبر إضافة أحدهما إلى الآخر كما في اللا سواد واللابياض بخلاف مثل العمى واللاعمى والامتناع واللاامتناع وأما ثانيا فلأن الموضوع في التقابل ليس بمعنى المحل المقوم للحال حتى يلزم أن يكون المتقابلان من قبيل الأعراض البتة للقطع بتقابل الإيجاب والسلب في الجواهر مثل الفرسية واللافرسية بل صرح ابن سينا بالتضاد بين الصور اعتبارا بالورود على المحل الذي هو الهيولي وأما ثالثا فلتصريح ابن سينا وغيره بأن موضوع المتقابلين قد يكون واحدا شخصيا كزيد للعدل والجور أو نوعيا كالإنسان للرجولية والمرئية أو جنسيا كالحيوان للذكورة والأنوثة أو أعم من ذلك كالشئ للخير والشر وأما رابعا فلأن الكلام في اللا سواد واللابياض لا في العدم المضاف إلى السواد والعدم المضاف إلى البياض ألا ترى أنك لا تقول باختلاف الموضوع في البياض واللابياض نظرا إلى أن اللابياض عدم مضاف إلى البياض فيكون موضوعه البياض فإن قيل من التقابل ما يجري في القضايا كالتناقض والتضاد فإن قولنا كل حيوان إنسان نقيض لقولنا بعض الحيوان ليس بإنسان وضد لقولنا لا شيء من الحيوان بإنسان مع أنه لا يتصور اعتبار ورود القضايا على محل فالجواب من وجهين أحدهما أن ذلك بحسب اشتراك الاسم كسائر النسب من العموم والخصوص والمباينة والمساواة فإنها تكون في المفردات باعتبار الصدق أعني صدقها على شيء وفي القضايا باعتبار الوجود أعني صدقها في أنفسها فالمعتبر في التناقض والتضاد بين المفردين امتناع الاجتماع في المحلا وبين القضيتين امتناع لا اجتماع في الوجود وثانيهما أن يجعل تقابل الإيجاب والسلب أعم مما في المفردات والقضايا ويعتبر موضوع القضية موردا ومحلا لثبوت المحمول له وعدم الثبوت على ما قال المحققون من الحكماء أن المتقابلين بالإيجاب والسلب إن لم يحتمل الصدق والكذب فبسيط كالفرسية واللافرسية وإلا فمركب كقولنا زيد فرس وزيد ليس بفرس فإن إطلاق هذين المعنيين على موضوع واحد في زمان واحد مح وقال ابن سينا أن من التقابل الإيجاب والسلب ومعنى الإيجاب وجود أي معنى كان سواء كان باعتبار وجوده في نفسه أو وجوده لغيره ومعنى السلب لا وجود أي معنى كان سواء كان لا وجوده في ذاته أو لاوجوده في غيره قال وقد يعتبر في التضاد ما مر من تفسير التضاد وتفسير الملكة والعدم هو الذي أورده قدماء الفلاسفة في أوائل المنطق وأما في مباحث الفلسفة فقد اعتبروا في كل منهما قيدا آخر وهو في المتضادين أن يكون بينهما غاية الخلاف
(١٤٧)