شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٥٠
منه لا يكون إلا بين نوعين أخيرين من جنس واحد كالسواد والبياض الداخلين تحت اللون ويلزم من هذا الحصر أنه لا يكون بين جنسين كالفضيلة والرذيلة والخير والشر ولا بين نوعين من جنسين كالعفة الداخلة تحت الفضيلة والفجور الداخل تحت الرذيلة إذا فرض كونهما جنسين ولا بين أنواع فوق الاثنين سواء كانت من جنس واحد كالسواد والبياض والحمرة الداخلة تحت اللون أو من جنسين كالشجاعة والتهور والجبن ويلزم من هذا أن لا يكون ضد الواحد إلا واحدا حتى لا يكون السواد ضد هو البياض وآخر هو الحمرة ولا للشجاعة ضد هو التهور وآخر هو الجبن وعولوا في إثبات ذلك على الاستقراء وأما التضاد المشهوري فقد صرحوا بأنه لا ينحصر فيما بين نوعين من جنس بل قد يكون بين جنسين كالفضيلة والرذيلة والخير والشر أو بين نوعين من جنسين كالعفة والفجور أو بين أنواع من جنس كالسواد والبياض والحمرة أو من جنسين كالشجاعة والتهور والجبن وفيه نظر من وجوه (1) أن معنى الاستقراء في انحصار التضاد بين نوعين من جنس هو أنا وجدناه فيما بينهما دون غيرهما ولا طريق إلى نفيه عما بين الفضيلة والرذيلة أو العفة والفجور سوى أنه لا يكون إلا فيما بين نوعين من جنس وهذان جنسان أو نوعان من جنسين وهذا دور ظاهر الثاني أنه إن اشترط في التضاد غاية الخلاف فكونه فيما بين نوعين دون أنواع من جنس ضروري لا استقرائي لأن غاية الخلاف إنما يكون بين الطرفين لا بين الطرف وبعض الأوساط وإن لم يشترط فبطلانه ظاهر كما في أنواع اللون الثالث أنهم أطبقوا على تضاد السواد والبياض على الإطلاق مع أنهما ليسا نوعين أخيرين من اللون بل السوادات المتفاوتة أنواع مختلفة مشتركة في عارض السواد المقول بالتشكيك وكذا البياض فعلى ما ذكروا من أن التضاد الحقيقي لا يكون إلا بين نوعين بينهما غاية الخلاف يلزم أن لا يكون في الألوان إلا بين غاية السواد وغاية البياض الرابع أن ما ذكره ابن سينا من تحقق التضاد المشهوري بين أنواع كالشجاعة والتهور والجبن ينافي ما ذكره من اشتراط غاية الخلاف في التضاد المشهوري أيضا قال قالوا لا تقابل من كلام الفلاسفة أن بين الوحدة والكثرة تقابل التضايف بواسطة ما عرض لهما من العلية والمعلولية والمكيالية والمكيلية وذلك أن الكثرة لما كانت مجتمعة من الوحدات كانت الوحدة علة مقومة للكثرة ومكيالا لها والكثرة معلولا متقوما بالوحدة ومكيلة بها وليس بينهما تقابل بالذات لوجهين أحدهما أن موضوع المتقابلين يجب أن يكون واحدا بالشخص بما سبق في تفسير التقابل وموضوع الوحدة والكثرة ليس كذلك لأنه إذا طرأت الكثرة على
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»