شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٤٠
كانا موجودين كانا اثنين لا محالة وإلا فإما أن يكون أحدهما فقط موجودا أو لا يكون شيء منهما موجودا فكان هذا فناء لأحدهما وبقاء للآخر أو فناء لهما وحدوث ثالث فاعترض بأنا لانم أنهما لو كانا موجودين كانا اثنين لا واحدا وإنما يلزم لو لم يكونا موجودين لوجود واحد فدفع هذا الاعتراض بأنهما لو كانا موجودين فإما بوجودين فيكونان اثنين لا واحدا وإما بوجود واحد فذلك إما أحد الوجودين الأولين فيكون فناء لأحدهما وبقاء للآخر أو غيرهما فيكون فناء لهما وحدوث ثالث فأجيب عن هذا الدفع بأنهما موجودان بوجود واحد هو نفس الوجودين الأولين صارا واحدا فلم يمكن التفصي عن هذا المنع إلا بأن الحكم بامتناع اتحاد الاثنين ضروري والمذكور في معرض الاستدلال تنبيه بزيادة بيان وتفصيل وأنت خبير بحال دعوى الضرورة في محل النزاع وبأن امتناع اتحاد الوجودين ليس بأوضح من امتناع اتحاد الاثنين على الإطلاق قال المبحث الرابع من خواص الكثرة التغاير فإنه لا يتصور إلا بين متعدد وإنما الخلاف في عكسه وهو أن التعدد هل يستلزم التغاير فعند المتقدمين من أهل السنة لا ولذا قالوا الغيران موجودان جاز انفكاكهما فخرج المعدومان وكذا المعدوم والموجود ومبناه على أن التغاير عندهم وجودي كالاختلاف والتضاد فلا يتصف به المعدوم وأما التعليل بأنه لا تمايز بين الأعدام فيخص المعدومين وخرج الجزء مع الكل وكذا الموصوف مع الصفة لامتناع الانفكاك ودخل الجسمان وإن فرضنا كونهما قديمين لأنهما ينفكان بأن يوجد هذا في حيز لا يوجد فيه الآخر وكذا الصفة المفارقة مع موصوفها سواء كان قديما أو حادثا لأنهما ينفكان بأن يوجد الموصوف وتنعدم الصفة فجواز الانفكاك أعم من أن يكون بحسب التحيز أو بحسب الوجود والعدم فلا حاجة إلى التقييد بقولنا في حيز أو عدم على ما ذكره الشيخ وهذا التقرير مشعر بأنه يكفي في التغاير الانفكاك من جانب وأن الصفة التي ليست عين الموصوف ولا غيرها هي الصفة اللازمة النفسية وقيل بل الصفة القديمة كعلم الصانع وقدرته بخلاف مثل سواد الجسم وبياضه إلا أن عمدتم الوثقى في التمسك وهو أن قولنا ليس في الدار أعضاء زيد وصفاته وفي اليد آحاد العشرة وأوصاف الدراهم لا يفرق بين الصفات المفارقة واللازمة ويقتضي أن لا يكون ثياب زيد بل سائر ما في الدار من الأمتعة غير زيد وفساده بين وكيف يخفى على أحد أن المراد بهذا الكلام نفي إنسان آخر غير زيد وعدد آخر فوق العشرة واعترض على تعريف المتغايرين بأنه ليس بجامع لأن العالم والصانع متغايران ولا يجوز انفكاكهما لامتناع وجود العالم بدون الصانع وأجاب الآمدي بأنه يكفي الانفكاك من جانب واحد وقد أمكن عدم العالم مع وجود الصانع ورد بأنه ح لا يكون مانعا لأنه يدخل فيه الجزء مع الكل والموصوف مع الصفة
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»