شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٥٤
الاحتياج إلى الشيء لا يقتضي الاحتياج إلى ما يقارنه ولهذا كان تقدم عدم الحادث على وجوده زمانيا محضا لا ذاتيا وكيف يعقل احتياج وجود الشيء إلى عدمه فهو ليس من المبادي إلا بالعرض بمعنى أنه يقارن المبدأ قال ثم جميع ما يحتاج إليه الشيء يسمى علة تامة العلة إما تامة هي جميع ما يحتاج إليه الشيء بمعنى أنه لا يبقى هناك أمر آخر يحتاج إليه لا بمعنى أن تكون مركبة من عدة أمور البتة وإما ناقصة هي بعض ذلك والتامة قد تكون هي الفاعل وحده كالبسيط الموجد للبسيط إيجابا وقد تكون هي مع الغاية كالبسيط الموجد للبسيط اختيارا فإن فعل المختار قد يكون لغرض يدعو إليه وقد يكون هومع المادة والصورة أيضا كالموجد للمركب عنهما أما الغاية أو بدونها وإذا كانت العلة التامة مشتملة على المادة والصورة يمتنع تقدمها على المعلول واحتياج المعلول إليها ضرورة أن جميع أجزاء الشيء نفسه وإنما التقدم لكل جزء منها فما يقال من أن العلة يجب تقدمها على المعلول ليس على إطلاقه بل العلة الناقصة أو التامة التي هي الفاعل وحده أو مع الشرط والغاية قال وكل من الأربع يعني أن كلا من العلل الأربع ينقسم باعتبار إلى بسيطة ومركبة وباعتبار إلى كلية وجزئية وباعتبار إلى ذاتية وعرضية وباعتبار إلى قريبة وبعيدة وباعتبار إلى عامة وخاصة وباعتبار إلى مشتركة ومختصة وباعتبار إلى ما بالقوة وإلى ما بالعفل قال المبحث الثاني يجب وجود المعلول يعني إذا وجد الفاعل بجميع جهات التأثير من الشرط والآلة والقابل يجب وجود المعلول إذ لو جاز عدمه لكان وجوده بعد ذلك ترجحا بلا مرجح لأن التقدير حصول جميع جهات التأثير من غير أن يبقى شيء يوجب الترجح وإذا وجد المعلول يجب وجود الفاعل بجميع جهات التأثير لأن الاحتياج إلى المؤثر التام من لوازم الإمكان والإمكان من لوازم المعلول فلو لم يجب وجود المؤثر التام عند وجود المعلول لزم جواز وجود الملزوم بدون اللازم هف وإذا كان بين المؤثر التام ومعلوله تلازم في الوجود لم يكن للمؤثر تقدم عليه بالزمان بل بالذات بمعنى الاحتياج إليه بحيث يصح أن يقال وجد المؤثر فوجد الأثر من غير عكس فإن قيل لو صح هذا لما جاز استناد الحادث إلى القديم لتأخره عنه بالزمان قلنا من جملة جهات تأثير القديم في الحادث شرط حادث يقارن الأثر الحادث كتعلق الإرادة عندنا والحركات والأوضاع عند الفلاسفة فيكون التقدم بالزمان لذات الفاعل ولا نزاع فيه لا للفاعل مع جميع جهات التأثير فإن قيل الضرورة قاضية بأن إيجاد العلة للمعلول لا يكون إلا بعد وجودها ووجود المعلول أما مقارن للإيجاد أو متأخر عنه فيكون متأخرا عن وجود العلة غاية الأمر أن يكون عقيبه من غير تخلل زمان لئلا يلزم الترجح بلا مرجح قلنا كون الإيجاد بعد وجود العلل مع جميع جهات التأثير بعدية زمانية ممنوع قال فعدم المعول يعني لما ثبت أنه كلما وجدت
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»