شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٥٣
يندرج الشروط والآلات في الأقسام لكونها راجعة إلى ما به الشيء وما ذهب إليه الإمام من أن الشروط من أجزاء العلة المادية بناء على أن القابل إنما يكون قابلا بالفعل معها ليس بمستقيم لأنها خارجة عن المعلول وقد صرح هو أيضا بأن المادية داخلة (3) أن ما ذكرنا من اعتبار الفعل والقوة في الوجوب وهو الموافق لكلام ابن سينا أولى من اعتباره في الوجود على ما ذكره الجمهور لأن المادة إذا لحقها الصورة يكون وجود المعلول معها بالفعل لا بالقوة فيدخل في تعريف الصورة فلا يكون مانعا ويخرج عن تعريف المادة فلا يكون جامعا بخلاف الوجوب فإنه بالنظر إلى المادة لا يكون إلا بالقوة وبالنظر إلى الصورة لا يكون إلا بالفعل وكان مرادهم أن الصورة ما يكون وجود الشيء معه بالفعل البتة والمادة ما يكون الوجود معه بالقوة في الجملة وحينئذ لا انتقاض (4) إن الجزء الغير الأخير من الصورة المركبة يكون وجوب المعلول معه بالقوة لا بالفعل فيدخل في تعريف المادية ويخرج عن تعريف الصورية فينتقض التعريفان جمعا ومنعا ولا يجوز أن يراد بالقوة الامكاني بحيث لا ينافي الفعل لأن الفساد حينئذ أظهر (5) إن حصر الجزء في المادة والصورة مبني على أن الجنس والفصل ليسا جزئين من النوع بل من حده على ما سبق تحقيقه وجعله الإمام مبنيا على أنه لا تغاير بين الجنس والمادة ولا بين الفصل والصورة إلا بمجرد الاعتبار لما مر من أن الحيوان المأخوذ بشرط أن يكون وحده ويكون كل ما يقارنه زائدا عليه ولا يكون هو مقولا على ذلك المجموع مادة والمأخوذ لا بشرط أن يكون وحده أو لا وحده ويكون مقولا على المجموع جنس وهو إنما يتم لو كان الجنس مأخوذا من المادة والفصل من الصورة البتة حتى لا يكون للبسايط الخارجية كالمجردات أجناس وفصول وقد صرح المحققون بخلافه (6) إن من الشروط ما هو عدمي كعدم المانع فإذا كان من جملة العلة الفاعلية لزم استناد وجود المعلول إلى العلة المعدومة ضرورة انعدام الكل بانعدام الجزء وهو باطل لأن امتناع تأثير المعدوم في الموجود ضروري ولأنه يلزم انسداد باب إثبات الصانع والجواب أن المؤثر في وجود المعلول ليس هو العلة الفاعلية بجملتها بل ذات الفاعل فقط وسائر ما يرجع إلى الفاعل إنما هي شرائط التأثير ولا امتناع في استناد المعلول إلى فاعل موجود مقرون بأمور عدمية بمعنى أن العقل إذا لاحظه حكم بأنه لا يحصل بدونها مع القطع بأن الموجد هو الفاعل الموجود وحينئذ لا ينسد باب إثبات الصانع لأن وجود الممكن يحتاج إلى وجود موجد وإن كان مقرونا بشرائط عدمية وقد يجاب بأن الشرط إنما هو أمر وجودي خفي وذلك الأمر العدمي الذي يظن كونه شرطا لازم له كاشف عنه مثلا شرط احتراق الخشبة ليس بزوال الرطوبة وانعدامها بل وجود اليبوسة الذي ينبئ عنه زوال الرطوبة وكذا سائر الصور فإن قيل نفس عدم الحادث من مبادي وجوده لافتقاره إلى الفاعل المقارن له قلنا
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»