شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٤٩
لكونه في الإيجاب والسلب أشد لأن امتناع الاجتماع فيهما ظاهر وبحسب الذات وفي البواقي لاشتمالها على ذلك وأوضح ذلك بأن الخير فيه عقدان عقد أنه خير وهو ذاتي وقد أنه ليس بشر وهو عرضي وكونه ليس بخير ينفي الذاتي وكونه شرا ينفي العرضي ولا خفاء في أن النافي للذاتي أقوى وفي التجريد ما يشعر بأنه في التضاد أشد لأنه قال وأشدها فيه الثالث أي أشد أنواع التقابل في التقابل هو التضاد ووجه بأن التضاد مشروط بغاية الخلاف وهي غاية في امتناع الاجتماع ورد بأنه لا يتصور غاية خلاف فوق التنافي الذاتي بأن يكون أحدهما صريح سلب الآخر بخلاف الضدين فإن أحدهما إنما يستلزم سلب الآخر وقيل معنى كلامه أن أشد الأنواع في التشكيك هو التضاد لأن قبول القوة والضعف في أصنافه من الحركة والسكون والحرارة والبرودة والسواد والبياض وغير ذلك في غاية الظهور بخلاف البواقي قال ومن حكم الإيجاب والسلب أن مرجعهما إلى القول والعقد أي الوجود اللفظي والذهني دون العيني بمعنى أن السلوب اعتبارات عقلية لها عبارات لفظية لا ذوات حقيقية وإلا لكان للإنسان مثلا معان غير متناهية لأنه ليس بفرس ولا ثور ولا ثعلب ولا أشياء غير متناهية كذا ذكره ابن سينا وبه يظهر أن ليس معناه ما فهمه بعضهم أنه ليس في الخارج شيء هو إيجاب أو سلب كيف ولا يعنون بالإيجاب إلا مثل السواد بالسنبة إلى اللا سواد وهو موجود في الخارج قال وإنهما أي ومن حكم الإيجاب والسلب أنهما إذا نقلا إلى الحكم والقضية كان أحدهما صادقا والآخر كاذبا البتة سواء وجد الموضوع أو لم يوجد ضرورة امتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهما بخلاف سائر الأقسام فإنه يجوز أن يكذب فيه المتقابلان لعدم الموضوع أو لخلوه عنهما إذا حمل الأعمى والبصير أو الأسود والأبيض أو الأب والابن على العنقاء أو على العقل فإن قيل إن أريد بالنقل إلى القضية حمل المتقابلين على موضوع فالإيجاب والسلب أيضا قد يكذبان لعدم الموضوع كما في قولنا العنقاء أسود ولا أسود لاقتضاء المعدولة وجود الموضوع وإن أريد اعتبار التقابل بين القضيتين فهذا لا يتصور في التضايف ولا في الملكة والعدم قلنا المراد الثاني في الإيجاب والسلب والأول في البواقي وقد يقال القضية إنما تكون معدولة مفتقرة إلى وجود الموضوع إذا أريد بالمحمول مفهوم ثبوتي يصدق عليه النقيض عدل في التعبير عنه إلى طريق السلب وأما إذا أريد به نفس مفهوم النقيض فهو موجبة سالبة المحمول مستغنية عن وجود الموضوع لكونها في قوة السالبة فقولنا العنقاء لا أسود إذا أريد باللاأسود نقيض الأسود أعني رفعه فهي صادقة بمنزلة قولنا ليس العنقاء أسود (قال ومن حكم التضاد) ظاهر وفيه إشارة إلى أن تعاقب الضدين على الموضوع الواحد ليس بلازم (قال وإن الحقيقي) يعني أن من حكم التضاد أن الحقيقي
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»