عن مثل الصغر مع الكبر والأبوة مع البنوة على الإطلاق والحق أنه احتراز عن خروج مثل ذلك فإنهما متقابلان ولا يمتنع اجتماعهما إلا عند اعتبار وحدة الجهة وأما التقييد بوحدة المحل فلأن المتقابلين قد يجتمعان في الوجود وفي الجسم على الإطلاق كبياض الرومي وسواد الحبشي قال فإن كانا وجوديين يريد حصر أقسام التقابل في الأربعة ومبناه على أن المتقابلين يكونان وجوديين أو وجوديا وعدميا فإن كانا وجوديين فإن كان تعقل كل منهما بالقياس إلى تعقل الآخر فمتضايفان كالأبوة والبنوة وإلا فمتضادان كالسواد والبياض وإن كان أحدهما عدميا والآخر وجوديا فإن اعتبر في العدمي كون الموضوع قابلا للوجودي بحسب شخصه كعدم اللحية عن الأمرد أو نوعه كعدم اللحية عن المرأة أو جنسه القريب كعدم اللحية عن الفرس أو جنسه البعيد كعدم اللحية عن الشجر فهما متقابلان تقابل الملكة والعدم وإن لم يعتبر ذلك كالسواد واللاسواد فتقابل الإيجاب والسلب إلا أنه لا دليل على امتناع أن يكون المتقابلان عدميين كيف وقد أطبق المتأخرون على أن نقيض العدمي قد يكون عدميا كالامتناع واللاامتناع والعمى واللاعمى بمعنى رفع العمى وسلبه أعم من أن يكون باعتبار الاتصاف بالبصر أو باعتبار عدم القابلية له فما يقال أن اللاعمى إما عبارة عن البصر فيكون وجوديا وإما عن عدم قابلية المحل للبصر فيكون سلبا لأمر وجودي ليس بشيء وإذا جاز أن يكونا عدميين فالأولى أن يبين الحصر بوجه يشملهما كما يقال المتقابلان إن كان أحدهما سلبا للآخر فإن اعتبر في السلب استعداد المحل في الجملة لما أضيف إليه السلب فتقابلهما تقابل الملكة والعدم وإلا فتقابل الإيجاب والسلب وإن لم يكن أحدهما سلبا للآخر فإن كان تعقل كل منهما بالقياس إلى الآخر فتقابلهما التضايف وإلا فالتضاد وقد يستدل على لزوم كون أحد المتقابلين وجوديا بأنه لا تقابل بين العدم المطلق والمضاف ضرورة صدق المطلق على المقيد ولا بين العدمين المضافين لوجهين أحدهما أنهما يجتمعان في غير ما وقع الإضافة إليه إما بطريق الصدق فلأنه يصدق على الأحمر أنه لا أسود ولا أبيض وإما بطريق الوجود فلأنه قد وجد فيه الحمرة التي هي لا سواد ولا بياض وثانيهما أن من شرط المتقابلين أن يكونا متواردين على موضوع واحد كما أشرنا إليه وقد صرح به بعض المتأخرين وموضوع العدمين المضافين كاللاسواد واللابياض متعدد ضرورة أنهما لو أضيفا إلى واحد لم يكونا عدمين وبهذا يخرج التفصي عن إشكالين أحدهما أن مثل الإنسانية مع الفرسية داخل في حد المتقابلين ضرورة امتناع اجتماعهما مع أنه ليس أحد أقسام الأربعة أما غير التضاد فظاهر وأما التضاد فللإطباق على أنه لا تضاد بين الجواهر لامتناع
(١٤٦)