كالسواد والبياض بخلاف البياض والصفرة وفي الملكة والعدم أن يكون العدم سلب الوجودي عما هو من شأنه في ذلك الوقت كعدم اللحية عن الكوسج بخلافه عن الأمرد وكل من التضاد والملكة والعدم بالمعنى الأول أعم منه بالمعنى الثاني ضرورة أن المطلق أعم من المقيد إلا أن المطلق من التضاد يسمى بالمشهوري لكونه المشهور فيما بين عوام الفلسفة والمقيد بالحقيقي لكونه المعتبر في علومهم الحقيقية والملكة والعدم بالعكس حيث يسمون المطلق بالحقيقي والمقيد بالمشهوري ولما كان تقابل مثل البياض مع الصفرة والسواد مع الحمرة ونحو ذلك مما ليس بينهما غاية الخلاف وكذا الالتحاء والمرودة وتقابل البصر وعدمه عن العقرب أو الشجر قادحا في حصر التقابل في الأقسام الأربعة لكونه خارجا عن التضاد وعن الملكة والعدم بالمعنى الأخص أجاب المتأخرون بأن الحصر إنما هو باعتبار المعنى الأعم أعني المشهوري من التضاد والحقيقي من الملكة والعدم ليدخل أمثال ذلك وفيه نظر أما أولا فلأن الضدين في التضاد والمشهوري لا يلزم أن يكونا وجوديين بل قد يكون أحدهما عدما للآخر كالسكون للحركة والظلمة للنور والمرض للصحة والعجمة للنطق والأنوثة للذكورة والفردية للزوجية صرح بذلك ابن سينا وغيره فهو لا يكون قسيما لتقابل الملكة والعدم وتقابل الإيجاب والسلب بل وفي كلامهم أنه اسم يقع التضاد الحقيقي وعلى بعض أقسام الملكة والعدم أعني ما يمكن فيه انتقال الموضوع من العدم إلى الملكة كالسكون والحركة بخلاف العمى والبصر والحق أنه أعم من ذلك إذ لا يمكن الانتقال في النطق والعجمة وفي الذكورة والأنوثة وفي الزوجية والفردية على أن تقابل الزوجية والفردية عند التحقيق راجع إلى الإيجاب والسلب فإن الزوج عدد ينقسم بمتساويين والفرد عدد لا ينقسم بمتساويين فالأول اسم للموضوع أعني العدد مع الإيجاب والثاني اسم له مع السلب كذا ذكره ابن سينا وأما ثانيا فلأنه صرح ابن سينا وغيره بأن غاية الخلاف شرط في التضاد المشهوري أيضا وحينئذ يكون تقابل مثل البياض والحمرة خارجا عن الأقسام (قال ومن حكم التقابل) جواب عن اعتراض تقريره أن التضايف أعم من أن يكون تقابلا أو تماثلا أو تضادا أو غير ذلك مما يدخل تحت المضاف فكيف يجعل قسما من التقابل أخص منه مطلقا وقسيما للتضاد منافيا له وتقرير الجواب أن التضايف أعم من مفهوم التقابل العارض لأقسامه ومفهوم التضاد العارض بمثل السواد والبياض ضرورة أنه لا يعقل المقابل أو المضاد إلا بالقياس إلى مقابل أو مضاد آخر وهذا لا ينافي كون معروض التقابل أعم منه بمعنى أن ما يصدق عليه التقابل قد يكونان متضايفين وقد لا يكونان ومعروض التضاد مباينا له كالسواد والبياض فإنه لا تضايف بينهما قال وإن مقوليته يريد أن من حكم التقابل أنه ليس جنسا لأقسامه إذ لا يتوقف تعقلها على تعقله وهذا ظاهر في التضايف كما أن التوقف ظ في التضاد وأما في الباقيين فتردد وبالجملة فمقوليته على الكل بالتشكيك
(١٤٨)