فإن الواحد بالشخص أولى بالوحدة من الواحد بالنوع وهو من الواحد بالجنس وهو من الواحد بالعرض وفي الواحد بالشخص مالا ينقسم أصلا أولى بالوحدة مما ينقسم إلى أجزاء متشابهة وهو مما ينقسم إلى أجزاء متخالفة ولم يقل أحد بالتفاوت في الأشدية والأقدمية لكونه غير معقول قال وكذا الكثرة يشير إلى أحكام منها أن الكثرة مقول بالتشكيك لكونها في كل عدد أشد منها فيما دونه ومنها أن أول مراتب العدد الإثنينية بمعنى أن الاثنين عدد والواحد ليس بعدد لصدق الحد وهو الكم المنفصل عليهما دونه وما قيل أن الفرد الأول أعني الواحد ليس بعدد فكذا الزوج الأول ليس بشيء ومنها أن الأعداد أنواع مختلفة لاختلاف لوازمها من الزوجية والفردية والأصمية والمنطقية ومنها أنها متألفة من الآحاد فأجزاء العشرة واحد عشر مرات لا خمسة وخمسة أو ستة وأربعة أو سبعة وثلاثة إذ لا رجحان لشيء من ذلك بخلاف الواحد فإنه يترجح بأنه لا أقل منه وأن الاثنين إنما يتألف منه ولأن مجرد زيادة الواحد يوجب حصول نوع آخر من العدد ومنها أنها غير متناهية لأن كل عدد فرض فإنه يمكن زيادة الواحد عليه ومنها أنها أمور اعتبارية متحصلة في العقل دون الخارج لأنا إذا اعتبرنا انضمام واحد في المشرق إلى واحد في المغرب حكم العقل بحصول الإثنينية لهما من غير أن يحصل لهما أمر بحسب الخارج ولأن أجزاءها أمور اعتبارية هي الوحدات ولأنها لو تحققت في الخارج فإذا قلنا لزيد وعمرو مثلا هما اثنان فقيام الإثنينية إما بأحدهما أو بكل منهما وهو ظاهر الاستحالة أو بمجموعهما فيلزم في كل منهما شيء منها وليس سوى الوحدة الاعتبارية (قال المبحث الثالث يمتنع اتحاد الاثنين) بأن يكون هناك شيئان فيصير شيئا واحدا لا بطريق الوحدة الاتصالية كما إذا جمع الماءان في إناء واحد أو الاجتماعية كما إذا امتزج الماء والتراب فصار طينا أو الكون والفساد كالماء والهواء صارا بالغليان هواء واحدا أو الاستحالة كلون الجسم كان سواد وبياضا فصار سوادا بل بأن يصير أحدهما الآخر الصائر بعينه إياه وذلك لوجهين الأول أن الاثنين سواء كانا ماهيتين أو فردين منهما أو من ماهية واحدة فالاختلاف بينهما ذاتي لا يعقل زواله إذ لكل شيء خصوصية ما هو بها هو فمتى زالت الخصوصية لم يبق ذلك لشيء واعترض بأنه إن كان استدلالا فنفس المتنازع وإن كان تنبيها فليس أوضح من الدعوى إذ ربما يقع الاشتباه في كون الاختلاف ذاتيا ممتنع الزوال دون اتحاد الاثنين الثاني أن الاثنين بعد الاتحاد إن كانا باقيين فهما اثنان لا واحد وإلا فإن بقي أحدهما فقط كان هذا فناء لأحدهما وبقاء للآخر وإن لم يبق شيء منهما كان هذا فناء لهما وحدوث أمر ثالث وأيا ما كان فلا اتحاد واعترض بأنا لانم أنهما لو بقيا كانا اثنين لا واحدا وإنما يلزم ذلك لو لم يتحدا فعدل إلى تقرير آخر وهو أنهما بعد الاتحاد إن
(١٣٩)