يعرض للجسم الذي يشتد سواده على التدريج في كل آن نوع آخر (قال ومنها) أي من خواص الكثرة التضاد وهو كون المعنيين بحيث يستحيل لذاتيهما اجتماعهما في محل واحد من جهة واحدة والمراد بالمعنى ما يقابل العين أي مالا يكون قيامه بنفسه وذكر الاجتماع مغن عن وحدة الزمان والتقييد بالمعنيين يخرج العينين والعين مع المعنى والعدمين والعدم مع الوجود ولهذا قالوا بعدم التضاد في الأحكام وسائر الإضافات لكونها اعتبارية لا تحقق لها في الأعيان ولا يخرج القديم والحادث إذا كانا معنيين كعلم الله تعالى وعلم زيد بل ظاهر التعريف متناول له إذ لا إشعار فيه باشتراط التوارد على محل واحد وقد يقال أن معنى امتناع الاجتماع أنهما يتواردان على محل ولا يكونان معا ليخرج مثل ذلك لأن محل القديم قديم فلا يتصف بالحادث وبالعكس ولأن القديم لا يزول عن المحل حتى يرد عليه المقابل واحترز بقيد استحالة الاجتماع عن مثل السواد والحلاوة مما يمكن اجتماعهما في محل واحد وبقيد لذاتيهما عن مثل العلم بحركة الشيء وسكونه معا أي العلم بأن هذا الشيء متحرك والعلم بأن هذا ساكن في آن واحد فإنهما لا يجتمعان لكن لا لذاتيهما بل لامتناع اجتماع الحركة والسكون وأما تصور حركة الشيء وسكونه معا فممكن ولذا يصح الحكم باستحالتهما وبقيد من جهة واحدة عن مثل الصغر والكبر والقرب والبعد على الإطلاق فإنهما لا يتضادان وإن امتنع اجتماعهما في الجملة وإنما يتضادان إذا اعتبر إضافتهما إلى معين ككون الشيء صغيرا وكبيرا بالنسبة إلى زيد ولا خفاء في أنه لا حاجة إلى هذا القيد حينئذ لأن مطلق الصغر والكبر لا يمتنع اجتماعهما وعند اتحاد الجهة يمتنع فالأقرب أن القيد احتراز عن خروج مثل ذلك وربما يعترض على تعريف المتضادين بالمتماثلين في سوادين عند من يقول بامتناع اجتماعهما ويجاب بأن اتحاد المحل شرط في التضاد ولا تماثل إلا عند اختلاف المحل (قال وعند الفلاسفة) ما سبق من أقسام الكثرة وأحكامها على رأي المتكلمين وأما على رأي الفلاسفة فالكثرة تستلزم التغاير بمعنى أن كل اثنين فهما غيران فإن كانت الإثنينية بالحقيقة فبالحقيقة أو بالعارض فبالعارض أو بالاعتبار فبالاعتبار ثم الغيران إما أن يشتركا في تمام الماهية كزيد وعمرو في الإنسانية أو لا فالأول المثلان والثاني المتخالفان سواء اشتركا في ذاتي أو عرضي أو لم يشتركا أصلا ثم المتخالفان قد يكونان متقابلين كالسواد والبياض وقد لا يتقابلان كالسواد والحلاوة والمتقابلان هما المتخالفان اللذان يمتنع اجتماعهما في محل واحد في زمان واحد من جهة واحدة فخرج بقيد المتخالف المثلان وإن امتنع اجتماعهما وبقيد امتناع الاجتماع في محل مثل السواد والحلاوة مما يمكن اجتماعهما وربما يفهم من امتناع الاجتماع في محل تواردهما على المحل فيخرج مثل الإنسان والفرس ومثل الإنسان والسواد وفيه بحث سيجيء وأما قيد وحدة الزمان فمستدرك على ما مر وكذا قيد وحدة الجهة إذا قصد به الاحتراز
(١٤٥)