إلا جعفر بن حرث من المعتزلة وعد هذا من جهالاته وأما الثاني فلأن الكلام في الأجزاء والصفات الغير المحمولة كالواحد من العشرة واليد من زيد والعلم مع الذات والقدرة مع الذات ونحو ذلك مما لا يتصور اتحادهما بحسب الوجود والهوية (قال وبعضهم) قد سبق أنه لا يكفي في التغاير الانفكاك من جانب وإلا انتقض بالجزء مع الكل والموصوف مع الصفة وزعم بعضهم أنه كاف حتى أن عدم تغاير الشيئين إنما يتحقق إذا كان كل منهما بحيث يمتنع بدون الآخر والنقض غير وارد أما الموصوف مع الصفة فلأن عدم التغاير إنما هو في الصفات التي يمتنع الذات بدونها كما تمتنع هي بدون الذات كصفات القديم لامتناع العدم على القديم وكذا الصفات بعضها مع البعض بخلاف مثل البياض مع الجسم فإنهما غيران وأما الجزء مع الكل فلأنه كما يمتنع العشرة بدون الواحد كذلك الواحد من العشرة يمتنع بدونها إذ لو وجد بدونها لم يكن واحدا من العشرة وحاصله أن الجزء بوصف الجزئية يمتنع بدون الكل وحينئذ يرد سائر الأمور الإضافية كالأب مع الابن والأخ مع الأخ والصانع مع المصنوع ويلزم أن لا يكونا غيرين ويلزم أن لا يكون الغيران بل الضدان غيرين لأن التغاير والتضاد من الإضافات فإن التزموا ذلك بناء على أن الإضافة عدمية ولا تمايز بين الأعدام أجيب بأن الكلام في معروض الإضافة من حيث أنه معروض لا في المجموع المركب من المعروض والعارض قال واعلم يريد أن مشايخنا لما قالوا بوجود الصفات القديمة لزمهم القول بتعدد القدماء وبإثبات قديم غير الله تعالى فحاولوا التفصي عن ذلك بنفي المغايرة بين الصفات وكذا بين الصفة والذات والظاهر أن هذا إنما يدفع قدم غير الله تعالى لا تعدد القدماء وتكثرها لأن الذات مع الصفة وكذا الصفات بعضها مع البعض وإن لم تكن متغايرة لكنها متعددة متكثرة قطعا إذ التعدد إنما يقابل الوحدة ولذا صرحوا بأن الصفات سبعة أو ثمانية وبأن الجزء مع الكل اثنان وشيئان وموجودان وإن لم يكونا غيرين (قال ومنها) أي ومن خواص الكثرة التماثل وهو الاشتراك في الصفات النفسية ومرادهم بالصفة النفسية صفة ثبوتية يدل الوصف بها على نفس الذات دون معنى زائد عليها ككون الجوهر جوهرا أو ذاتا وشيئا وموجود أو تقابله المعنوية وهي صفة ثبوتية دالة على معنى زائد على الذات ككون الجوهر حادثا ومتحيزا وقابلا للأعراض ومن لوازم الاشتراك في الصفات النفسية أمران أحدهما الاشتراك فيما يجب ويمتنع ويجوز وثانيهما أن يسد كل منهما مسد الآخر وينوب منابه فمن ههنا يقال المثلان موجودان يشتركان فيما تجب ويجوز ويمتنع أو موجودان يسد كل منهما مسد الآخر والمتماثلان وإن اشتركا في الصفات النفسية لكن لا بد من اختلافهما بجهة أخرى ليتحقق التعدد والتميز فيصح التماثل ونسب إلى الشيخ أنه يشترط في التماثل التساوي من كل وجه واعترض بأنه لا تعدد
(١٤٣)