حينئذ فلا تماثل وبأن أهل اللغة مطبقون على صحة قولنا زيد مثل عمرو وفي الفقه إذا كان يساويه فيه ويسد مسده وإن اختلفا في كثير من الأوصاف ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الحنطة بالحنطة مثل بمثل وأراد به الاستواء في الكيل دون الوزن وعدد الحبات وأوصافها والجواب أن المراد التساوي في الجهة التي بها التماثل حتى أن زيدا وعمرا لو اشتركا في الفقه وكان بينهما مساواة في ذلك بحيث ينوب أحدهما مناب الآخر صح القول بأنهما مثلان في الفقه وإلا فلا (قال وأما اشتراط التغاير فمختلف فيه) قال الآمدي وأما الصفات فقد اختلفت أصحابنا فيها فمنهم من قال ليست متماثلة ولا متخالفة لأن التماثل والاختلاف بين الشيئين يستدعي مغايرة بينهما وصفات الله تعالى غير متغايرة وقال القاضي أبو بكر بالاختلاف نظرا إلى ما اختص به كل صفة من الصفات النفسية من غير التفات إلى وصف الغيرية وهذا ظاهر في أن القاضي لا يشترط في التخالف الغيرية ففي التماثل أولى وقد يتوهم من ظاهر عبارة المواقف أن التغاير شرط في التماثل والاختلاف البتة فمن يصف الصفات به يصفها بهما ومن لا فلا قال ويمتنع اجتماع المثلين يعني أن المثلين إذا كانا من قبيل الأعراض يمتنع اجتماعهما في محل واحد خلافا للمعتزلة لنا أن العرضين إذا اشتركا في الماهية والصفات النفسية لم يعقل بينهما تمايز إلا بحسب المحل لأن قيامهما به ووجودهما تبع لوجوده فإذا اتحدت الماهية وما يتبعه الهوية ارتفعت الإثنينية ورد بالمنع لجواز أن يختص كل بعوارض مستندة إلى أسباب مفارقة وبهذا يمنع ما ذكر في المحصل من أن نسبة العوارض إلى كل منهما على السوية فلا تعرض لأحدهما خاصة بل لكل منهما وحينئذ لا يبقى الامتياز البتة ويلزم الاتحاد وأما الاعتراض بأن عدم الامتياز لا يدل على الاتحاد بل غايته عدم العلم بالإثنينية فليس بشيء لأن ما ذكر على تقدير تمامه يفيد عدم الامتياز في نفس الأمر لا عند العقل فقط وقد يستدل بأنه لو جاز اجتماع المثلين لجاز لمن له علم نظري بشيء أن ينظر لتحصيل العلم به إذ لا مانع سوى امتناع اجتماع المثلين وبأنه لو جاز لما حصل القطع باتحاد شيء من الأعراض لجواز أن يكون أمثالا مجتمعة واللازم باطل للقطع بذلك في كثير من الأعراض وبأنه لو جاز اجتماعهما لجاز افتراقهما بزوال أحد المثلين ضرورة أنه ليس بواجب وزواله ليس إلا بطريان ضده الذي هو ضد للمثل الآخر الباقي فيلزم اجتماع الضدين ورد الأولان بمنع الملازمة لجواز مانع آخر فانتفاء شرط النظر وهو عدم العلم بالمطلوب ولجواز القطع بانتفاء الممكن ضرورة أو استدلالا والثالث بمنع المقدمات تمسكت المعتزلة بالوقوع فإن الجسم يعرض له سواد ثم آخر وآخر إلى أن يبلغ غاية السواد وأجيب بأنا لا نسلم ذلك بل السوادات المتفاوتة بالشدة والضعف أنواع من اللون متخالفة بالحقيقة متشاركة في عارض مقول عليها بالتشكيك هو مطلق السواد
(١٤٤)