الدليل الثاني والثلاثون:
روى الإمام أحمد بسند قوي عن عبد الله بن مسعود قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد (صلى الله عليه وسلم) خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ (138).
أقول: لولا أن بعض الناس يورد هذا الأثر في الصحبة العامة لما أوردته هنا، فالدليل واضح أنه في الصحبة الشرعية فقط، بدليل قوله:
(فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه)، فهذه الصفة لا تتفق إلا مع صحبة المهاجرين والأنصار، فهم الذين قاتلوا على الدين حتى استقام أمر الإسلام، وهم وزراء النبي (صلى الله عليه وسلم) والوزراء لا بد أن يكونوا قلة نسبة لبقية الناس، أما من يجعل كل شعب النبي (صلى الله عليه وسلم) وزراء فقد غالط!! وهذا الأثر لا يجوز أن يفهم بما يخالف الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة، وإنما بما يتفق معها، وإلا فهي أولى بالتقديم (139).