الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٢٤
المهاجرين والأنصار (74) أن يشعر من سواهم بأن المهاجرين والأنصار لم يستحقوا التوبة عليهم من الله، إلا بأعمال جليلة قدموها في الماضي، وأن على من سواهم أن يكثروا من التأسي بهم، حتى يتوب الله عليهم كما تاب على المهاجرين والأنصار!!.
والغريب أن بعض الذين يخلطون الأمور يستدلون بالآية السابقة على أن الله تاب على (جميع الصحابة) (75)!!، مع أن الله عز وجل كان يستطيع أن يقول ذلك، ويعمم التوبة على كل المؤمنين يومئذ، ولكنه لم يقتصر إلا على المهاجرين والأنصار، ولحكمة (76)!!.

(74) ينبغي أن نعرف أنه يشترط في المهاجر أن يبقى مع النبي في المدينة وينصره ولا يعتبر مهاجرا من وفد عليه وأسلم ثم رجع إلى قومه حتى ولو أسلم قبل بيعة الرضوان إلا إن ثبت ذلك بدليل خاص كأن يثبت أنه بايعه النبي (صلى الله عليه وسلم) على الهجرة مثلما بايع لبعضهم على شهوده بدرا ولم يشهدها أو أنه أمره (صلى الله عليه وسلم) بالعودة إلى بلاده والدعوة إلى الإسلام ونحو هذا، لكن من وفد عليه (صلى الله عليه وسلم) وأسلم ثم رجع برغبته لا برغبة النبي (صلى الله عليه وسلم) فلا يعتبر من المهاجرين ولا الأنصار، لأن هاتين الطائفتين اختصتا بنصرة النبي (صلى الله عليه وسلم) بالمال والقتال في المدينة حتى عز الإسلام، والدليل على أن الهجرة لا تكفي بمجرد الوفادة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) حديث أبي سعيد الخدري (أن أعرابيا سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الهجرة فقال: ويحك! إن شأن الهجرة لشديد فهل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فهل تؤدي صدقتها؟ قال: نعم، قال: (فأعمل من وراء البحار فإن الله لن يلتك من عملك شيئا) (متفق عليه)، فهذا الأعرابي خاف عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) ألا يقوى على الهجرة الشرعية التي تقتضي البقاء في المدينة مع ترك الأهل والأموال فيسبب له هذا رجوعا عن الإسلام أو تضجرا يؤدي إلى الإثم.
(75) ويقصدون بالصحابة (كل من رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) أو لقيه من المسلمين)!! ثم يقولون هذا وقلوبهم على الطلقاء!!.
(76) يجب أن يكون معلوما أن حكومة الطلقاء (دولة بني أمية) لجأت إلى (تعميم الصحبة) على كل من رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى يدخل فيهم مثل الحكم والوليد وبسر وأمثالهم من الطلقاء!!، وكان لهذا التعميم غرض سياسي لينافسوا خصومهم من المهاجرين والأنصار بأنهم قد صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلما صحبه خصومهم!! وقد بقي من دلائل ذلك بعض النصوص في كتب العقائد كقولهم (من سب أحدا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فهو رافضي!) ويسكتون عن النواصب!! الذين كانوا أجرأ في سب الإمام علي على منابرهم!!، فلو قال القائل: (.. فهو رافضي أو ناصبي) لكان أفضل حتى يتحرز الناس من سب الإمام علي أو انتقاصه مثلما يتحرزون من سب أو انتقاص غيره من الصحابة أو ممن وصفوا بالصحبة!!.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 26 27 31 32 33 ... » »»
الفهرست