الدليل الأول:
مع أن غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة بعد العودة من حصار الطائف، وكان عدد جيش المسلمين فيها ثلاثين ألفا على أرجح الروايات، يعتبر المهاجرون والأنصار فيهم قلة، ومع ذلك لم يأت الثناء إلا عليهم، كما في قوله تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم) (73).
والسؤال: لماذا لم يخبرنا الله عز وجل أنه قد تاب على كل جيش النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم تبوك؟! لماذا لم يقل الله عز وجل (لقد تاب الله على النبي والذين آمنوا الذين (تبعوه في ساعة العسرة..)؟! أو (... على النبي والمؤمنين...)؟!.
الجواب يبدو واضحا بأن تخصيص الله عز وجل (المهاجرين والأنصار) بالتوبة يتفق مع ما ذهبنا إليه من أنهم هم الصحابة الصحبة الشرعية، التي نزلت فيها آيات الثناء، وهم الذين نجزم بأن الله راض عنهم، وأنه تاب عليهم، أما غيرهم ممن أتى بعدهم (بعد صلح الحديبية)، فلا يجوز الجزم بالتوبة عليهم، وإنما نسكت عنهم، كما سكت الله عنهم، إلا من ثبت له ذلك بدليل خاص، وكأن الله - والله أعلم - أراد بقصره الثناء على