والحقيقة أن الأمويين استطاعوا أن يؤلبوا أكثر الفرق الإسلامية ضد خصومهم الشيعة، وخلقوا لهم خصما عنيف الخصومة وهم المعتزلة، الذين كانوا في نضال مستمر مع الشيعة، وكانوا يستخدمون تفكيرهم لمناهضة الشيعة، ولكنهم تساقطوا في الطريق حين طال السفر، واضمحلوا كأصحاب مذهب عاشوا سنين كثيرة، وما بقي إلا قسم من آرائهم الكلامية التي احتضنتها كتب الكلام نابضا بالحياة رغم تأييد جماعة من ملوك العباسيين ومن قبلهم الأمويون الذين أذاعوا نظرياتهم، وتبنوا آراءهم. كالمأمون والمعتصم وسواهما. ورغم أن الشيعة في أكثر أدوارهم كانوا مطاردين من الطبقة الحاكمة تضيق عليهم الأرض برحبها، وكل دروب الحياة، ومع ذلك فقد رافقوا التاريخ في حياتهم ومبادئهم.
ولمعت في كل من تلك الفرق الإسلامية أسماء كبيرة وضخمة، كانت محورها ما هناك من آراء ونظريات، و عليها تدور رحى المناظرة والحوار، وكان لكل منها مدرسة فكرية ذات آراء كلامية خاصة عرفت بها ونسبت إليها.
فمن أشهر زعماء المعتزلة 1 - أبو حذيفة واصل بن عطاء الغزال (80 - 131 ه) من أشياخ المعتزلة وأعلامها، بل هو المؤسس لمذهب الاعتزال والواضع لأصوله.
وواصل هو أول من وضع المنزلة بين المنزلتين، وخالف بذلك أستاذه الحسن البصري في مصير مرتكب الكبائر.