وكان في نزعتهم هذه ممالئة كبيرة لبني أمية، إذ بنوا فلسفتهم السياسية على أسلوب خادع يبرر خلافة بني أمية ويبرر بقاء بيعة الجائرين منهم في أعناق المسلمين، ويؤكد في أثناء ذلك إسلامهم وحسن إيمانهم. وبرز رأي المرجئة في قول شاعرهم ثابت بن قطنة.
المسلمون على الإسلام كلهم * والمشركون استووا في دينهم قددا ولا نرى أن ذنبا بالغ أحدا * م الناس شركا إذا ما وحدا الصمدا وانبرت فئة أخرى تساندهم وتبرر عدوانهم، تلك الفئة التي ذهبت تقول بأن العبد مجبور على أعماله، وأن الفاعل في الحقيقة هو الله تعالى، وأن الإنسان لا يملك اختيارا ولا إرادة، ومئآل هذا الرأي بدون شك إلى أنه لا تبعة على الإنسان مهما فعل لأنه لا يملك الفعل.
وقد صعقت الطبقة الحاكمة لذلك فرحا، ولثموا الأرض شكرا على أن وجدوا من يؤكد إيمانهم وحسن إسلامهم من جهة، ويبرر عدوانهم من جهة ثانية ولا يحملهم شيئا من تبعات أعمالهم.
وجاءت في أعقاب هؤلاء فرقة ثالثة وهم المعتزلة، كانت في ممالئتها للطبقة الحاكمة أقل صراحة وأكثر مدارة. قهم وافقوا الشيعة في أن الإنسان يصدر أعماله بإرادته واختياره، وأنه