ودعواكم غير مقبولة علينا، إذا الاختلاف لا يقابل الاتفاق وشهادة الخصم لخصمه مقبولة، وشهادته عليه مردودة، فقال يحيى بن خالد: لقد قربت قطعه يا أبا محمد، ولكن جاره شيئا، فإن أمير المؤمنين أطال الله بقاه يحب ذلك. قال هشام: أنا أفعل، غير أن الكلام ربما انتهى إلى حد يغمض ويدق على الأفهام، فيعاند أحد الخصمين أو يشتبه عليه، فإن أحب الانصاف، فليجعل بيني وبينه واسطة عدلا، إن خرجت من الطريق ردني إليه، وإن جار في حكمه شهد عليه. فقال عبد الله بن يزيد، لقد دعا أبو محمد إلى الانصاف، فقال هشام: فمن يكون هذا الواسطة؟ وما يكون مذهبه؟ أيكون من أصحابي أو من أصحابك أو مخالفا للملة أو لنا جميعا؟؟.
فقال عبد الله بن يزيد: إختر من شئت، فقد رضيت به.
قال هشام: أما أنا فأرى أنه إن كان من أصحابي لم يؤمن عليه العصبية لي، وإن كان من أصحابك لم آمنه في الحكم علي، وإن كان مخالفا لنا جميعا لم يكن مأمونا علي ولا عليك. ولكن يكون رجلا من أصحابي ورجلا من أصحابك، ينظران فيما بيننا، ويحكمان علينا بموجب الحق ومحض الحكم بالعدل. فقال عبد الله بن يزيد: قد أنصفت يا أبا محمد، وكنت انتظر هذا منك.
فأقبل هشام على يحيى بن خالد فقال له: قد قطعته أيها الوزير، ودمرت على مذاهبه كلها بأهون سعي، ولم يبق معه شئ، واستغنيت عن مناظرته، قال: فحرك الرشيد الستر، فأصغى يحيى بن خالد فقال له هذا متكلم الشيعة، وافق الرجل موافقة لم تتضمن مناظرته، ثم ادعى عليه أنه قد قطعه