وكان أبو العباس موعوكا فقام عمه داود بن علي وخطب مكانه قال مبينا السبب الذي دعاهم إلى الخروج: وإنما أخرجتنا الأنفة من ابتزازهم حقنا والغضب لبني عمنا... ثم قال: لكم ذمة الله وذمة رسول الله وذمة العباس أن نحكم فيكم بما أنزل الله ونعمل بكتاب الله ونسير في العامة منكم والخاصة بسيرة رسول الله ثم أشاد بجهود أهل الكوفة وأهل خراسان (1).
وهكذا أبان العباسيون أنهم جاؤوا إلى هذا الأمر لكونهم ورثة الرسول وأنهم آل البيت وقد ذكرهم الله في القرآن.
ثم ادعوا أنهم إنما خرجوا طلبا للثأر ممن قتل أبناء عمهم ولإحياء العدل بين الناس.
كما أكدوا أنهم سيسرون بسيرة الرسول ويعلموا بكتاب الله.
وهكذا نجد أن تشيع العباسية كان أصله من قبل محمد بن الحنفية وقد بقي هذا مدة من الزمن وفي أيام المنصور أظهر أن الخلافة جائتهم عن طريق العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصدق مثل على ذلك المكاتبات التي دارت بين المنصور ومحمد ذي النفس الزكية فكلها تأكيد على أحقية العباس بالخلافة (2). وسنأتي على بيان ذلك في الفصل الرابع. ثم جاء المهدي فردهم إلى إثبات الإمامة للعباس وقال لهم: قولوا إن الإمامة كانت للعباس عم النبي لأنه كان أولى الناس به وأقربهم إليه ثم من بعده لعبد الله ابن العباس ثم لعلي بن عبد الله ثم لمحمد بن علي ثم لإبراهيم بن محمد ثم لأبي العباس ثم لأبي جعفر ثم للمهدي (3).
والذي دعا العباسيين إلى أنهم في أول أمرهم تعلقوا بوصية أبي هاشم بن محمد بن الحنفية ضعف مركزهم في بداية أمرهم ولما قوي مركزهم وتوطدت أركان دولتهم رجعوا عن دعوتهم الأولى وادعوا بأنهم جاؤوا لهذا الأمر بوراثة النبي من قبل عمه العباس.