وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم سنة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلاف قولي فخذوا بها، ودعوا قولي، فإني أقول بها، وقال أيضا: سمعت الشافعي يقول: كل مسألة تكلمت فيها صح الخبر فيها عن النبي (صلى الله عليه وآله) عند أهل النقل بخلاف ما قلت، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي. (1) وهذا المعنى ثابت عنه بألفاظ كثيرة متعددة (2)، قال ابن الصلاح: فعمل بذلك كثير من أئمة أصحابنا، فكان من ظفر منهم بمسألة فيها حديث ومذهب الشافعي بخلافه عمل بالحديث، ولم يتفق ذلك إلا نادرا.
ونقل سلوك ذلك المسلك عن أبي يعقوب البونطي، وأبي القاسم الداركي، وأبي الحسن الكنا الطبري، ثم قال: وليس هذا بالهين! فليس كل فقيه يسوغ له أن يستقل بالعمل بما رآه من الحديث، ثم نقل عن ابن الصلاح إنه قال: من وجد من الشافعيين حديثا يخالف مذهب الشافعي! نظر فإن كملت آلات الاجتهاد فيه، إما مطلقا أو في ذلك الحديث، وإن لم تكمل ألته ووجد في قلبه حزازة من مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفته عنه جوابا شافيا فلينظر هل عمل بذلك الحديث إمام مستقل؟ فإن وجده فله أن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث ويكون ذلك عذرا له عند الله تعالى في ترك مذهب إمامه في ذلك، انتهى.
وإذا كان الأمر على هذه الحال فأين الإجماع على ما ذكروه؟!
فسكت، ولم يأت بمقنع (3).