من عنده علم الكتاب ؟ - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ٦٩
ونحن من خلال تأمل حقيقة الشهادة المطلوبة في الآية يلفت إنتباهنا حقيقة أن الشهادة المطلوبة تتعلق برسالة الرسول (ص)، لقوله: " لست مرسلا " وكذا أن الشاهد المطلوب مقطوع بعدالة شهادته بحيث أن الله سبحانه يعبر عن الكفاية التامة لشهادته، والمعبر عنها بقوله: " قل كفى " هذا علاوة على أن الشاهد مقطوع بعلمه المطلق بشؤون الشهادة بحيث أنه قرن شهادة الشاهد بشهادة الله، حيث عطف شهادته على شهادة الله لقوله: " بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب "، وهذه الأمور تجعل مهمة أهل الكتاب سالبة بانتفاء الموضوع، حيث إننا هنا نلاحظ أن الشاهد يحتاج إلى مواصفات الرسالة وشأنيتها، وحيث أن رسالة كهذه تتمثل ببنية فكرية وتشريعية وأخلاقية، وهذه البنية تلتحم التحاما كاملا مع البنية الذاتية لشخص المرسل (1) في أبعادها السلوكية

(١) يرفض محمد حسين فضل الله هذا المعنى ليشير إلى الفصل بين شخصانية محمد بن عبد الله كذات وبينه كرسول. أنظر كتاب خطوات على طريق الإسلام: ٤١٢ - ٤١٤، الطبعة الخامسة، دار التعارف للمطبوعات ١٩٨٦ وكذا العديد من كتاباته ومقالاته.
ولعمر الحق هل كان غير محمد بن عبد الله في بعده الذاتي البحث بقادر على تحمل هذه الرسالة، وهل أن الجعل الإلهي المعبر عنه في الآية الكريمة: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (الأنعام / 124) كان ليكون لولا وجود ذات محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لكم كيف تحكمون؟!
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست