من عنده علم الكتاب ؟ - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ٦٦
(الرواية الموثوقة عن أهل البيت) أعاد نفس القول الأول مع بعض التوضيح ننقله بالنص: هناك رواية تقول بأن المقصود به هو علي (ع) باعتبار أنه يملك علم الكتاب، ولكن الظاهر (1) من الآية أنها تتحدث عن أهل الكتاب الذين يعلمون الكتاب، والوجه في ذلك أن النبي كان في مقام الاحتجاج عليهم بما يكون حجة عليهم، والإمام علي (ع) هو تلميذ النبي (ص) لذلك فالآية من قبيل " فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (2) بالبينات، ذلك

(١) هذا الظاهر إن قال بوجوده بناء على روايات أهل البيت (ع) فلعمري قد ادعى ما ليس له وجود، بل على العكس تقف روايات أهل البيت (ع) على النقيض من ذلك تماما، كما سيتبين لنا من الحديث عن الجانب الروائي في هذا المجال.
وإن قال به - بعد إسقاط الروايات - بناء على ما يشير إليه في العديد من كتبه بأنه يستوحي من القرآن ما يراه قابلا للاستيحاء فإن ذلك من استحساناته العقلية، دون مستند شرعي، ويكون بذلك قد خالف - مرة أخرى - سنة أهل البيت (ع) الرافضة للعمل بالاستحسانات العقلية.
[أنظر في ذلك أقواله في من وحي القرآن ١: ١٢. وكذا كتاب للإنسان والحياة: ٣٠٧ - ٣١٠.] (٢) الأنبياء: ٧.
أقول: ادعاء تعلق آية " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " بعلماء الكتاب من اليهود والنصارى [تحدث محمد حسين فضل الله بعد ذلك وبإصرار أكبر على عد الآية من متعلقات أهل الكتاب. أنظر جريدة فكر وثقافة: العدد ٤٣ بتأريخ: ٣١ / ٥ / ١٩٩٧.] تكذبه إجماع الروايات الموثوقة لأهل البيت (ع) حيث تؤكد هذه الروايات، وكما المنطق العقلي بأن هذه المرجعية الفكرية الكبرى لا يمكن أن تخرج عن إطار المسلمين، لأن خلافه يستلزم تناقض الأمر التشريعي الناهي عن اتباع أهل الكتاب، هؤلاء هو صاحب هذه المرجعية، بناء على مبنى السيرة العقلائية بوجوب الرجوع إلى الأعلم، وإما في المنطق الروائي فروايات أهل البيت (ع) الصحيحة والموثوقة مجمعة على تخصيص الآية بأهل البيت (ع) واللافت أن بعضها يتحدث بلهجة حادة جدا إزاء من يقول بأنها نزلت بحق علماء أهل الكتاب كما نجد ذلك في صحيحة محمد بن الحسن الصفار فيما رواه عن أحمد بن محمد (وهو ابن عيسى)، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن (المعلى بن) أبي عثمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (ع) في قوله الله تعالى: " فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " فذكرنا له حديث الكلبي أن قال: هي في أهل البيت قال: فلعنه وكذبه. [بصائر الدرجات: ٦١ ج ١ ب ١٩ ح ١٥] وما بين الأقواس منا للتوضيح.
وكذا صحيحته فيما رواه عن السندي بن محمد، عن العلا، عن محمد بن مسلم, عن أبي جعفر (ع) قال:
قلت له: إن من عندنا يزعمون أن قوله الله تعالى: " فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " أنهم اليهود والنصارى، قال: إذا يدعونهم إلى دينهم، ثم أشار بيده إلى صدره وقال: نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون. (بصائر الدرجات: ٦١ ج 1 ب 19 ح 17).
وقد تحدثنا عن ذلك (دلالات الآية وشبهة فضل الله حول مرادها) بالتفصيل في كتابنا: الإمامة:
بحث في الضرورة والمهام.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست