هذه هي أقوال الرواة في مسألة دفن الرأس الشريف، وأعتقد صواب رأي الأستاذ الأمين فيما ذهب إليه حيث إن مشهد رأسه الشريف في مصر معظما على بقية المشاهد التي تنسب إليه، حيث خصصت له الأوقاف منذ الوهلة الأولى لتشييد بنائه الشامخ، كما أن المصريين يذكرون باعتزاز كرامات هذا المشهد المطهر، وقد مدحته الشعراء وأثنت عليه، فقد قال عبد الله الشبراوي: وقد كثرت القصائد والأشعار في مدح هؤلاء القوم الأطهار سيما في هذا المشهد الأنور والمعبد الأزهر.
وقال أيضا: لأبي الخطاب بن دحية في ذلك جزء لطيف مؤلف، واستفتى القاضي زكي الدين عبد العظيم في ذلك، فقال: هذا مكان شريف، وبركته ظاهرة، والاعتقاد فيه خير، والسلام (1).
وما أجد هذا المشهد الشريف، والضريح الأنور المنيق، حيث يقول القائل: (2) نفسي الفداء لمشهد أسراره * من دونها ستر النبوة مسبل ورواق عز فيه أشرف بقعة * ظلت تحار لها العقول وتذهل تغضي في بهجته النواظر هيبة * ويرد عنه طرفه المتأمل ومع هذا فنحن نقول كما قال سبط ابن الجوزي رحمه الله: ففي أي مكان رأسه أو جسده فهو ساكن في القلوب والضمائر، قاطن في الأسرار والخواطر، أنشد بعض أشياخنا في هذا المعنى: (3)