ثم يعرج إلى المتوكل ويعتبره من الأئمة الذين أنكروا على الشيعة بناء قبر الحسين (عليه السلام)، ويؤيد ما فعله بقبر الحسين (عليه السلام) فيقول: " وكانوا عند مقتل الحسين بكربلاء، قد بنوا هناك مشهدا، وكان ينتابه أمراء عظام، حتى أنكر ذلك عليهم الأئمة، وحتى أن المتوكل تقدم فيه بأشياء، يقال: إنه بالغ فيه إنكار ذلك، وزاد على الواجب!) (1).
ولم يقتصر ابن تيمية عند هذا الحد بل أنكر قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في النجف، وادعى أنه قبر المغيرة بن شعبة، ثم أخذ يكيل الذم لبني بويه، ويقدحهم قدحا لاذعا، ويعتبرهم سببا بإظهار قبر الإمام علي (عليه السلام) فيقول:
" وقريبا من ذلك، ظهر بنو بويه الأعاجم، وكان كثير منهم زندقة وبدع قوية، وفي دولتهم قوى بنو عبد القداح بأرض مصر، وفي دولتهم أظهر المشهد المنسوب إلى علي (رضي الله عنه) بناحية النجف، إلا فقبل ذلك لم يكن أحد يقول: إن قبر علي هناك، إنما دفن علي (رضي الله عنه) بقصر الإمارة بالكوفة، وإنما ذكروا إنه حكي عن الرشيد، إنه جاء إلى بقعة هناك، وجعل يعتذر إلى المدفون فيها، فقالوا: إنه علي، وإنه اعتذر إليه مما فعل بولده، فقالوا: هذا هو قبر علي، وقد قال قوم: إنه قبر المغيرة بن شعبة " (2).
ثم يتناول شيخ الإسلام الشيعة، فيشن عليهم هجوما عنيفا، فمرة يصفهم بأهل الكذب والضلال، وأخرى بأهل البدع المنكرة، ثم يجعل لهم شبه شديد بالنصارى فيقول: " إن الذين يعظمون القبور والمشاهد لهم شبه شديد بالنصارى " (3).