سفيان ثم بعث بثقل الحسين، وجهزهم بكل شئ ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر لهم بها، وبعث برأس الحسين (عليه السلام) إلى عمرو بن سعيد بن العاص، وهو إذ ذاك عامله على المدينة، فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إلي، ثم أمر عمرو بن سعيد بن العاص برأس الحسين (عليه السلام) فكفن ودفن بالبقيع عند قبر أمه فاطمة عليها الصلاة والسلام (1).
وابن كثير يؤيد رأي القرطبي، فيقول: روى محمد بن سعد: إن يزيد بعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد نائب المدينة، فدفنه عند أمه بالبقيع (2).
وابن تيمية أيضا يذهب إلى أن الرأس دفن في المدينة، فيقول: إن الذي ذكره من يعتمد عليه من العلماء والمؤرخين، أن الرأس حمل إلى المدينة ودفن عند أخيه (3). وكان يستدل على أن الرجل إذا قتل سلموا رأسه وبدنه إلى أهله، كما فعل الحجاج في قتل ابن الزبير، وإن ما كان بينه وبينه من الحروب، أعظم بكثير مما كان بين الحسين وبين خصومه، فإن ابن الزبير ادعاها بعد قتل الحسين، وبايعه أكثر الناس، وحاربه يزيد حتى مات وجيشه محاربون له بعد الحرة، ثم تولى عبد الملك غلبه على العراق مع الشام، بعث إليه الحجاج بن يوسف، فحاصره الحصار المعروف حتى قتل، ثم صلبه، ثم سلمه إلى أمه (4).
هذا هو الدليل الذي اعتمده ابن تيمية على مصير الرأس في المدينة، ولا يخفى على القارئ النابه من أن ابن تيمية فاته كثير من الذين قتلوا في الحروب قد صلبت رؤوسهم وطافوا بها في المدن، وخير مثال رأس زيد بن علي، كما في