ويقال له بحيرة بن فراس قال: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: " الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء "، فقال له: أفتهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه (1).
وفي السيرة الحلبية: وعرض على بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة فقال له رجل منهم: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظفرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال: " الأمر إلى الله يضعه حيث شاء "، فقال له: أنقاتل العرب دونك، وفي رواية: أفتهدف نحورنا للعرب دونك، أي نجعل نحورنا هدفا لنبالهم، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك وأبوا عليه (2).
هذا، والرسول - كما أشرت - في أصعب الأحوال وأشد الظروف، وكل العرب وعلى رأسهم قريش يحاربونه ويؤذونه بشتى أنواع الأذى، يقول: " الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء "، وهذا معنى قوله تعالى: * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * (3).
ولو راجعتم الآيات الكريمة الواردة في نصب الأنبياء، غالبا ما تكون بعنوان " الجعل " وما يشابه هذه الكلمة، لاحظوا قوله تعالى: * (إني جاعلك للناس إماما) * (4) هذا في خطاب لإبراهيم (عليه السلام)، وفي خطاب لداود: * (إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس) * (5).
ومن هذه الآية يستفاد أن الحكم بين الناس حكم من أحكام النبوة والرسالة * (إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم) * الحكم من أحكام الخلافة، وليست الخلافة هي