[وهو الزهري] عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: كنت [ ابن عباس يقول، والقضية أيضا فيها عبد الرحمن بن عوف كما سترون] أقرئ رجالا من المهاجرين [أقرؤهم يعني القرآن] منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى [القضية في الحج، وفي منى بالذات، وفي سنة 23 من الهجرة] وهو عند عمر بن الخطاب [أي: عبد الرحمن بن عوف كان عند عمر بن الخطاب] في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم.
[لاحظوا القضية: عبد الرحمن كان عند عمر بن الخطاب في منى، فجاء رجل وأخبر عمر أن بعض الناس كانوا مجتمعين وتحدثوا، فقال أحدهم: لو قد مات عمر لبايعنا فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة، في البخاري فلان، وسأذكر لكم الاسم، وهذا دأبهم، يضعون كلمة فلان في مكان الأسماء الصريحة، فقال قائل من القوم: والله لو قد مات عمر لبايعت فلانا. القائل من؟ وفلان الذي سيبايعه من؟ لبايعت فلانا، يقول هذا القائل: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت، لكن سننتظر موت عمر، لنبايع فلانا، لما سمع عمر هذا المعنى غضب، وأراد أن يقوم ويخطب].
قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاء الناس وغوغائهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة، فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا، فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها، فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
[فتفاهما على أن تبقى القضية إلى أن يرجعوا إلى المدينة المنورة].