بالناس على الكتاب والسنة وسيرة الشيخين، يعلم بأن عليا سوف لا يوافق، أما عثمان فسيوافق في أول لحظة، فطرح هذا الأمر على علي، فأجاب علي بما كان يتوقعه عبد الرحمن، من رفض الالتزام بسيرة الشيخين، وطرح الأمر على عثمان فقبل عثمان، أعادها مرة، مرتين، فأجابا بما أجابا أولا.
فقال علي لعبد الرحمن: أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني.
فبايع عبد الرحمن عثمان.
فقال علي لعبد الرحمن: والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك أو عليك.
فقال له: بايع وإلا ضربت عنقك.
فخرج علي من الدار.
فلحقه القوم وأرجعوه حتى ألجأوه على البيعة.
وهكذا تمت البيعة لعثمان طبق القرار، ولكن هل بقي عثمان على قراره مع عبد الرحمن؟ إنه أرادها لبني أمية، يتلقفونها تلقف الكرة، فثار ضد عثمان كل أولئك الذين كانوا في منى وعلى رأسهم طلحة والزبير، اللذين كانت لهما اليد الواسعة الكبيرة العالية في مقتل عثمان، لأنهما أيضا كانا يريدان الأمر، وقد قرأنا في بعض المصادر أن بعض القائلين قالوا لو مات عمر لبايعنا طلحة، وطلحة يريدها وعائشة أيضا تريدها لطلحة، ولذا ساهمت في الثورة ضد عثمان.
أما عبد الرحمن بن عوف، فهجر عثمان وماتا متهاجرين، أي لا يكلم أحدهما الآخر حتى الموت، لأن عثمان خالف القرار، وقد تعب له عبد الرحمن بأكثر ما أمكنه من التعب، وراجعوا المعارف لابن قتيبة، فيه عنوان المتهاجرون، أي الذين انقطعت بينهم الصلة وحدث بينهم الزعل بتعبيرنا، ومات عبد الرحمن بن عوف وهو مهاجر لعثمان.
وهكذا كانت الشورى، فكرة لحذف علي.
كما أن معاوية طالب بالشورى عند خلافة علي ومبايعة المهاجرين والأنصار معه، طالب بالشورى، لماذا؟ لحذف علي، أراد أن يدخل من نفس الباب الذي دخل منه عمر،