الدعوى:
يقول أحدهم في كتاب فقه السيرة: فشاور أبو بكر قبيل وفاته طائفة من المتقدمين، ذو النظر والمشورة من أصحاب رسول الله، فاتفقت كلمتهم على أن يعهد بالخلافة إلى عمر بن الخطاب.
وقد رأيتم من أهم مصادرهم، راجعوا طبقات ابن سعد، راجعوا تاريخ الطبري، وراجعوا سائر الكتب، لتروا أن لم يكن لأحد دخل ورأي في هذا الموضوع، بل الكل مخالفون، وإنما عبد الرحمن بن عوف وعثمان.
وسنرى من خلال الأخبار ومجريات الحوادث أن هناك تواطئا وتفاهما على أن يكون عثمان بعد عمر، وعلى أن يكون عبد الرحمن بعد عثمان، ويؤكد هذا الذي قلته النص التالي، فلاحظوا:
إن سعيد بن العاص أتى عمر يستزيده [سعيد بن العاص تعرفونه، هذا من بني أمية، ومن أقرباء عثمان القريبين، الذي ولاه على بعض القضايا، وصدر منه بعض الأشياء] في داره التي بالبلاط، وخطط أعمامه مع رسول الله، فقال عمر: صل معي الغداة وغبش، ثم أذكرني حاجتك، قال: ففعلت، حتى إذا هو انصرف، قلت: يا أمير المؤمنين الحاجة التي أمرتني أن أذكرها لك، قال: فوثب معي ثم قال: امض نحو دارك حتى انتهيت إليها، فزادني وخط لي برجله، فقلت: يا أمير المؤمنين، زدني، فإنه نبتت لي نابتة من ولد وأهل ، فقال: حسبك وخبئ عندك أن سيلي الأمر بعدي من يصل رحمك ويقضي حاجتك، قال: فمكثت خلافة عمر بن الخطاب، حتى استخلف عثمان، فوصلني وأحسن وأقضى حاجتي وأشركني في إمامته... إلى آخر النص.
وهذا أيضا في الطبقات (1). يقول عمر لسعيد بن العاص أن انتظر سيعطيك ما تريد الذي سيلي الأمر من بعدي، واختبئ عندك هذا الخبر، فليكن عندك السر.