مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٦٣
في ذلك على أحد، كما تمثله سيرتهم معه بأجلى المظاهر المحسوسة، لكن * (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) * (1)!
إذا عرفت هذا كله، تعلم أن أمر الإمامة كان حرجا إلى الغاية، إذ إنها من أصول الدين، فلا بد من تبليغها، ولا مناص عن العهد بها إلى كفئها على كل حال.
وهنا الخطر والإشفاق من الهرج (2) والمرج (3)، لأن أولئك البغاة كانوا يأبون تبليغها والعهد بها إلى صاحبها كل الإباء، وكانوا يصدون عن ذلك كل الصدود، وقد علم الله ما أضمروه من الفتنة في هذا السبيل، وما تأهبوا وأعدوا وتجهزوا له من الوثبة إذا عهد بها النبي إلى الوصي، وإن كلفتهم الوثبة ما كلفتهم، ولزمهم فيها من اللوازم الباطلة ما لزمهم!
لذلك لم تقتض حكمته تعالى، ولطفه بعباده، ورفقه بهم، أن يفاجئهم بآية من القرآن ينزلها نصا صريحا جليا من كل الجهات على الوجه الذي ذكرتموه، لما في نزولها على ذلك الوجه من الضرر والخطر!
لأنها حينئذ - لا محالة - تحرج أولئك الأوغاد من أهل العيث والفساد، فتخرجهم على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بثورة في الإسلام شعواء، فيها الخطر على الأمة، والتغرير بالإمام وبالنبي وبالدين كله، فروعه وأصوله.

(١) سورة ق ٥٠: ٣٧.
(٢) الهرج: شدة القتل وكثرته، واختلاط الناس، انظر: لسان العرب ١٥ / ٦٩ مادة " هرج ".
(٣) المرج: الفتنة المشكلة، والفساد، انظر: لسان العرب ١٣ / 65 مادة " مرج ".
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست