مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٦٠
برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفضلهم من بعده، لا يدافع ولا ينازع في ذلك أبدا، فهو الذي يجب عندهم أن تعصب به تلك الدماء بأجمعها، ولذا عصبوها به!
فتربصوا به الدوائر، وقلبوا له الأمور، وأضمروا له ولذريته كل سوء، ووثبوا عليهم في كل جيل من أجيال هذه الأمة العربية كل وثبة، وكان ما كان مما طار في الأجواء، وطبقت فجائعه وفظائعه الأرض والسماء.
على إن العرب عامة، وقريشا بالخصوص، كانوا ينقمون من علي شدة وطأته، ونكال وقعته، إذ كان شديد الوطأة على أعداء الله، عظيم الوقيعة في من يهتك حرمات الله، كما قالت سيدة نساء العالمين في خطبة لها (عليها السلام): " وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله " (1).
ومن المعلوم أن العرب كانوا يرهبون من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ويخشون عدله في الرعية، ومساواته بين أفراد البرية، ولم يكن لأحد فيه مطمع، ولا لأحد عنده هوادة، فالناس عنده في حقوقهم سواء، القوي العزيز عنده ضعيف ذليل حتى يأخذ الحق منه لصاحبه، والضعيف الذليل عنده قوي عزيز حتى يأخذ له بحقه (2)، و * (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) * (3)..
فمتى يرضيهم هذا العدل * (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق

(١) معاني الأخبار: ٣٥٥.
(٢) انظر: نهج البلاغة: ٨٠ رقم ٣٧.
(٣) سورة التوبة ٩: 97.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست